وَتَبَخَّرَ بِعودِ الهِندِ رَواحَهُ ، وحَولَهُ رَيحانُ حَديقَةٍ يَشُمُّ نُفاحَهُ ، وقَد مُدَّ لَهُ مَفروشاتُ الرّومِ عَلى سُرُرِهِ . تَعساً لَهُ بَعدَ ما ناهَزَ السَّبعينَ مِن عُمُرِهِ ! وحَولَهُ شَيخٌ يَدِبُّ عَلى أرضِهِ مِن هَرَمِهِ ، وذو يُتمَةٍ تَضَوَّرَ مِن ضُرِّهِ ومِن قَرَمِهِ ،۱ فَما واساهُم بِفاضِلاتٍ مِن عَلقَمِهِ ، لَئِن أمكَنَنِيَ اللَّهُ مِنهُ لَأَخضِمَنَّهُ خَضمَ البُرِّ ، ولَاُقيمَنَّ عَلَيهِ حَدَّ المُرتَدِّ ، ولَأَضرِبَنَّهُ الثَّمانينَ بَعدَ حَدٍّ ، وَلَأَسُدَّنَّ مِن جَهلِهِ كُلَّ مَسَدٍّ . تَعساً لَهُ ! أفَلا شَعرٌ ؟! أفَلا صُوفٌ ؟! أفَلا وَبَرٌ ؟! أفَلا رَغيفٌ قَفارُ اللَّيلِ إفطارٌ مُقَدَّمٌ ؟!۲ أفَلا عَبرَةٌ عَلى خَدٍّ في ظُلمَةِ لَيالٍ تَنحَدِرُ؟! ولَو كانَ مُؤمِناً لَاتَّسَقَت لَهُ الحُجَّةُ إذا ضَيَّعَ ما لا يَملِكُ .۳
1.القَرَم : شدّة شهوة اللحم حتّى لا يصبر عليه (النهاية : ۴/۴۹) .
2.قال المجلسي قدّس سره : قوله : «أفلا رغيف» بالرفع ، ويجوز في مثله الرفع والنصب والبناء على الفتح . و«القَفار - بالفتح - » : ما لا إدام معه من الخبز ،واُضيف إلى الليل ، وهو صفة للرغيف ، و«إفطارٌ» و«مقدَّمٌ» أيضاً صفتان له . وفي بعض النسخ : «لليلِ إفطارِ معدمٍ» ، فالظرف صفة اُخرى لرغيف ، و«ليل» مضاف إلى الإفطار المضاف إلى المعدم ؛ أي الفقير (بحار الأنوار : ۴۰/۳۵۳) .
3.الأمالي للصدوق : ۷۲۰ / ۹۸۸ .