نوح - الصفحه 5

ومولده ومسكنه ونشوئه وشغله وعمره ووفاته ومدفنه وسائر ما يتعلّق بحياته الشخصيّة ؛ لِما أنّ القرآن لم ينزل كتاب تاريخ يقتصّ تواريخ الناس من بَرٍّ أو فاجر ، وإنّما هو كتاب هداية يصف للناس ما فيه سعادتهم ، ويبيِّن لهم الحقّ الصريح ليأخذوا به فيفوزوا في حياتهم الدنيا والآخرة . وربّما أشار إلى‏ طرف من قصص الأنبياء والاُمم لتظهر به سنّة اللَّه في عباده ، ويعتبر به من شملته العناية ووفّق للكرامة، وتتمّ به‏الحجّة علَى الباقين.
وقد فُصّلت قصّة نوح عليه السلام في ستّ من السور القرآنيّة وهي : سورة الأعراف ، وسورة هود ، وسورة المؤمنون ، وسورة الشعراء، وسورة القمر ، وسورة نوح ، وأكثرها تفصيلاً سورة هود التي ذكرت قصّته عليه السلام فيها في خمس وعشرين آية (25 - 49) .

قصّته عليه السلام في القرآن :

بعثه وإرساله :

كان الناس بعد آدم عليه السلام يعيشون اُمةً واحدةً على‏ بساطة وسذاجة وهم علَى الفطرة الإنسانيّة ؛ حتّى‏ فشا فيهم روح الاستكبار وآل إلَى استعلاء البعض على‏ البعض تدريجيّاً واتّخاذ بعضهم بعضاً أرباباً . وهذه هي النواة الأصليّة التي لو نشأت واخضرّت وأينعت لم تُثمر إلّا دين الوثنيّة والاختلاف الشديد بين الطبقات الاجتماعيّة باستخدام القويّ للضعيف ، واسترقاق العزيز واستدراره للذليل ، وحدوث المنازعات والمشاجرات بين الناس .
فشاع في زمن نوح عليه السلام الفساد في الأرض ، وأعرض الناس عن دين التوحيد وعن سنّة العدل الاجتماعيّ ، وأقبلوا على‏ عبادة الأصنام . وقد سمَّى اللَّه سبحانه منها وَدّاً وسُواعاً ويَغوث ويَعوق ونَسراً (سورة نوح) .

الصفحه من 12