عليهم ، حتّى استنصر ربّه (سورة العنكبوت) فأوحى إليه ربّه أ نّه لن يؤمن من قومه إلّا من قد آمن وعزّاه فيهم (سورة هود) ، فدعا عليهم بالتبار والهلاك وأن يُطهِّر اللَّه الأرض منهم عن آخرهم (سورة نوح) ، فأوحَى اللَّه إليه أن اصنع الفُلك بأعيننا ووحينا (سورة هود) .
صنعه عليه السلام الفلك :
أمره اللَّه تعالى أن يصنع الفلك بتأييده سبحانه وتسديده فأخذ في صنعها ، وكان القوم يمرّون عليه طائفة بعد طائفة فيسخرون منه وهو يصنعها على بسيط الأرض من غير ماء ، ويقول عليه السلام : (إنْ تَسْخَروا مِنّا فإنّا نَسْخَرُ مِنكُم كَما تَسْخَرونَ * فَسَوْفَ تَعْلَمونَ مَن يَأتِيهِ عَذابٌ يُخْزيهِ ويَحِلُّ عَلَيهِ عَذابٌ مُقيمٌ)۱ (سورة هود) ، وقد نصب اللَّه لنزول العذاب عَلَماً وهو أن يفور الماء من التنّور (سورتا هود والمؤمنون) .
نزول العذاب ومجيء الطوفان :
حتّى إذا تمّت صنعة الفلك وجاء أمر اللَّه وفار التنّور أوحَى اللَّه تعالى إليه أن يحمل في السفينة من كلٍّ من الحيوان زوجَين اثنَين ، وأن يحمل أهله إلّا من سبق عليه القول الإلهيّ بالغرق وهو امرأته الخائنة وابنه الذي تخلّف عن ركوب السفينة ، وأن يحمل الذين آمنوا (سورتا هود والمؤمنون) ، فلمّا حملهم وركبوا جميعاً فتح اللَّه أبواب السماء بماء منهمر وفجّر الأرض عيوناً فالتقَى الماء على أمر قد قُدِر (سورة القمر) وعلا الماءُ وارتفعت السفينة عليه وهي تسير في موج كالجبال (سورة هود) فأخذ الناسَ الطوفان وهم ظالمون ، وقد أمره اللَّه تعالى إذا استوى هو ومن معه علَى الفلك أن يحمداللَّه على ما نجّاه من القومالظالمين ، وأن يسأله البركة في نزوله فيقول : الحمد للَّه الذي نجّانا من القوم الظالمين ، ويقول : رَبِّ أنزِلني مُنزَلاً مبارَكاً وأنت خير المُنزِلين .