نوح - الصفحه 8

قضاء الأمر ونزوله ومن‏معه عليه السلام إلَى‏الأرض:

فلمّا عمّ الطوفان وأغرق الناس (كما يظهر من سورة الصافّات آية 77) أمر اللَّه الأرض أن تبلع ماءها والسماء أن تقلع وغِيضَ الماء و استوت السفينة على‏ جبل الجُوديّ وقيل : بُعداً للقوم الظالمين ، واُوحي إلى‏ نوح عليه السلام أن اهبط إلَى الأرض بسلام منّا وبركات عليك و على‏ اُمم ممّن معك فلا يأخذهم بعد هذا طوفان عام ، ومنهم اُمم سيمتّعهم اللَّه بأمتعة الحياة ثمّ يمسّهم عذاب أليم ، فخرج هو ومن معه ونزلوا الأرض يعبدون اللَّه بالتوحيد والإسلام ، وتوارثت ذرّيّته عليه السلام الأرض وجعل اللَّه ذرّيته هم الباقين (سورتا هود والصافّات) .

قصّة ابن نوح الغريق :

كان نوح عليه السلام عندما ركب السفينة لم يركبها واحد من أبنائه ، وكان لا يصدّق أباه في أنّ من تخلّف عنها فهو غريق لا محالة ، فرآه أبوه وهو في معزل فناداه : يا بنيّ اركب معنا ولا تكن مع الكافرين ، فردّ على‏ أبيه قائلاً : سآوي الى‏ جبل يعصمني من الماء ، قال نوح عليه السلام : لا عاصم اليوم من اللَّه إلّا من رحم - يريد أهل السفينة - فلم يلتفت الابن إلى‏ قوله وحال بينهما الموج فكان من المُغرَقين .
ولم يكن نوح عليه السلام يعلم منه إبطان الكفر كما كان يعلم ذلك من امرأته ، ولو كان علم ذلك لم يحزنه أمره وهو القائل في دعائه : (رَبِّ لاتَذَرْ علَى الأرضِ مِن الكافِرينَ دَيّاراً * إنّكَ إنْ تَذَرْهُم يُضِلّوا عِبادَكَ ولا يَلِدوا إلّا فاجِراً كَفّاراً)۱الدعاء ، وهُو القائلُ : (فافْتَحْ بَيْني وبَيْنَهُم فَتْحاً ونَجِّني وَمن مَعي مِنَ المُؤمِنينَ)۲ وقد سمع قوله تعالى‏ فيما أوحى‏ إليه : (ولا تُخاطِبْني في الّذينَ ظَلَموا إنّهُمْ مُغْرَقونَ) .۳

1.نوح : ۲۶ ، ۲۷ .

2.الشعراء : ۱۱۸ .

3.هود : ۳۷ .

الصفحه من 12