فوجد نوح عليه السلام وحزن فنادى ربّه من وجده قائلاً : ربِّ إنّ ابني من أهلي وإنّ وعدك الحقّ وعدتني بإنجاء أهلي وأنت أحكم الحاكمين ، لا تجور في حكمك ، ولا تجهل في قضائك ، فما الذي جرى علَى ابني ؟ فأخذته العناية الإلهيّة وحالت بينه وبين أن يصرّح بالسؤال في نجاة ابنه - وهو سؤال لما ليس له به علم - وأوحَى اللَّه إليه : (يا نوح إنّه ليس من أهلك إنّه عمل غير صالح)۱ ، فإيّاك أن تواجهني فيه بسؤال النجاة فيكون سؤالاً فيما ليس لك به علم ، إنّي أعظك أن تكون من الجاهلين .
فانكشف الأمر لنوح عليه السلام والتجأ إلى ربّه تعالى قائلاً : ربّ إنّي أعوذ بك أن أسألك ما ليس لي به علم ، أسألك أن تشملني بعنايتك وتستر عليَّ بمغفرتك ، وتعطف عليَّ برحمتك ، ولولا ذلك لكنت من الخاسرين .
خصائص نوح عليه السلام :
هو عليه السلام أوّل اُولي العزم سادة الأنبياء ، أرسله اللَّه إلى عامّة البشر بكتاب وشريعة ، فكتابه أوّل الكتب السماويّة المشتملة على شرائع اللَّه ، وشريعته أوّل الشرائع الإلهيّة .
وهو عليه السلام الأب الثاني للنسل الحاضر من الإنسان ، إليه ينتهي أنسابهم والجميع ذرّيّته لقوله تعالى : (وجَعَلْنا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الباقِينَ)۲ وهو عليه السلام أبو الأنبياء المذكورين في القرآن ما عدا آدم وإدريس عليهما السلام ، قال تعالى : (وتَرَكْنا عَلَيهِ في الآخِرينَ) .۳
وهو عليه السلام أوّل من فتح باب التشريع وأتى بكتاب وشريعة ، وكلّم الناس بمنطق العقل وطريق الاحتجاج مضافاً إلى طريق الوحي ، فهو الأصل الذي ينتهي إليه دين التوحيد في العالم ، فله المنّة على جميع الموحّدين إلى يوم القيامة ، ولذلك خصّه اللَّه