نوح - الصفحه 9

فوجد نوح عليه السلام وحزن فنادى ربّه من وجده قائلاً : ربِّ إنّ ابني من أهلي وإنّ وعدك الحقّ وعدتني بإنجاء أهلي وأنت أحكم الحاكمين ، لا تجور في حكمك ، ولا تجهل في قضائك ، فما الذي جرى‏ علَى ابني ؟ فأخذته العناية الإلهيّة وحالت بينه وبين أن يصرّح بالسؤال في نجاة ابنه - وهو سؤال لما ليس له به علم - وأوحَى اللَّه إليه : (يا نوح إنّه ليس من أهلك إنّه عمل غير صالح)۱ ، فإيّاك أن تواجهني فيه بسؤال النجاة فيكون سؤالاً فيما ليس لك به علم ، إنّي أعظك أن تكون من الجاهلين .
فانكشف الأمر لنوح عليه السلام والتجأ إلى‏ ربّه تعالى‏ قائلاً : ربّ إنّي أعوذ بك أن أسألك ما ليس لي به علم ، أسألك أن تشملني بعنايتك وتستر عليَّ بمغفرتك ، وتعطف عليَّ برحمتك ، ولولا ذلك لكنت من الخاسرين .

خصائص نوح عليه السلام :

هو عليه السلام أوّل اُولي العزم سادة الأنبياء ، أرسله اللَّه إلى‏ عامّة البشر بكتاب وشريعة ، فكتابه أوّل الكتب السماويّة المشتملة على‏ شرائع اللَّه ، وشريعته أوّل الشرائع الإلهيّة .
وهو عليه السلام الأب الثاني للنسل الحاضر من الإنسان ، إليه ينتهي أنسابهم والجميع ذرّيّته لقوله تعالى‏ : (وجَعَلْنا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الباقِينَ)۲ وهو عليه السلام أبو الأنبياء المذكورين في القرآن ما عدا آدم وإدريس عليهما السلام ، قال تعالى‏ : (وتَرَكْنا عَلَيهِ في الآخِرينَ) .۳
وهو عليه السلام أوّل من فتح باب التشريع وأتى‏ بكتاب وشريعة ، وكلّم الناس بمنطق العقل وطريق الاحتجاج مضافاً إلى‏ طريق الوحي ، فهو الأصل الذي ينتهي إليه دين التوحيد في العالم ، فله المنّة على‏ جميع الموحّدين إلى‏ يوم القيامة ، ولذلك خصّه اللَّه

1.هود : ۴۶ .

2.الصافّات : ۷۷ .

3.الصافّات: ۷۸ .

الصفحه من 12