ابراهیم - الصفحه 9

وليراجع في تفسير كلّ من مقاماته المذكورة إلى‏ ما شرحناه في الموضع المختصّ به فيما تقدّم أو سنشرحه إن شاء اللَّه تعالى‏ ؛ فالاشتغال به هاهنا يخرجنا عن الغرض المعقود له هذه الأبحاث .
وقد حفظ اللَّه سبحانه حياته الكريمة وشخصيّته الدينيّة بما سمّى‏ هذا الدِّين القويم بالإسلام كما سمّاه عليه السلام ونسبه إليه ، قال تعالى‏ : (مِلّةَ أبيكُمْ إبراهِيمَ هُوَ سَمّاكُمُ المُسْلِمينَ مِنْ قَبْلُ)۱ وقال : (قُل إنَّنِي هَدانِي رَبِّي إلى‏ صِراطٍ مُسْتَقيمٍ دِيناً قِيَماً مِلَّةَ إبْراهِيمَ حَنِيفاً وما كانَ مِنَ المُشرِكينَ) .۲
وجعل الكعبة البيت الحرام الذي بناها قِبلةً للعالمين ، وشرّع مناسك الحجّ وهي في حقيقة أعمال ممثّلة لقصّة إسكانه ابنَه واُمّ ولده وتضحية ابنه إسماعيل وما سعى‏ به إلى‏ ربّه والتوجّه له وتحمّل الأذى‏ والمحنة في ذاته ، كما تقدّمت الإشارة إليه في تفسير قوله تعالى‏ : (وإذْ جَعَلْنا البَيْتَ مَثابَةً لِلنَّاسِ ...)۳ الآية في الجزء الأوّل من الكتاب .

أثره المبارك في المجتمع البشريّ :

ومن مِننه عليه السلام السابغة أنّ دين التوحيد ينتهي إليه أينما كان وعند من كان ؛ فإنّ الدين المنعوت بالتوحيد اليوم هو دين اليهود ، وينتهي إلَى الكليم موسَى بن عمران عليه السلام وينتهي نسبه إلى‏ إسرائيل يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم عليه السلام ، ودين النصرانيّة وينتهي إلَى المسيح عيسَى بن مريم عليهما السلام وهو من ذرّيّة إبراهيم عليه السلام ، ودين الإسلام والصادع به هو محمّد رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وينتهي نسبه إلى‏ إسماعيل الذبيح ابن إبراهيم الخليل عليهما السلام ؛ فدين التوحيد في الدنيا أثره الطيّب المبارك ، ويشاهد في الإسلام من شرائعه الصلاة والزكاة والحجّ ، وإباحة لحوم الأنعام ، والتبرّي من أعداء اللَّه ، والسلام ، والطهارات العشر الحنيفيّة البيضاء ؛ خمس‏۴ منها

1.الحجّ : ۷۸ .

2.الأنعام : ۱۶۱ .

3.البقرة : ۱۲۵ .

4.رواها في مجمع البيان نقلاً عن تفسير القمّي .(كما في هامش المصدر).

الصفحه من 10