فلَم يَنجُ مِنهُم أحَدٌ ، وذلكَ قولهُ تعالى : (فأخَذَهُمْ عَذابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ) .۱ وإنّ رسولَ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله إذا ذُكِرَ عِندَهُ شُعَيبٌ قالَ : ذلكَ خَطيبُ الأنبياءِ يَومَ القِيامَةِ ، فلَمّا أصابَ قَومَهُ ما أصابَهُم لَحِقَ شُعَيبٌ والّذينَ آمَنوا مَعهُ بمَكّةَ ، فلَم يَزالوا بها حتّى ماتُوا .
والرّوايةُ الصّحيحَةُ أنّ شُعَيباً عليه السلام صارَ مِنها إلى مَديَنَ فأقامَ بها ، وبها لَقِيَهُ موسَى بنُ عِمرانَ صلَواتُ اللَّهِ علَيهِما .۲
۱۹۷۰۸.قصص الأنبياء عن ابنِ عبّاسٍ : إنّ اللَّهَ تعالى بَعَثَ شُعَيباً إلى قَومِهِ وكانَ لَهُم مَلِكٌ فأصابَهُ مِنهُم بَلاءٌ ، فلَمّا رأى المَلِكُ أنَّ القَومَ قد خَصِبوا أرسَلَ إلى عُمّالِهِ فحَبَسوا علَى النّاسِ الطَّعامَ ، وأغلَوا أسعارَهُم ، ونَقَصوا مَكائيلَهُم ومَوازينَهُم ، وبَخَسوا النّاسَ أشياءهُم ، وعَتَوا عَن أمرِ ربِّهِم ، فكانوا مُفسِدينَ في الأرضِ . فلَمّا رأى ذلكَ شُعَيبٌ صلواتُ اللَّهِ علَيهِ قالَ لَهُم : (لاتَنْقُصُوا المِكْيالَ والمِيزانَ إنّي أراكُمْ بِخَيْرٍ وإنّي أخافُ علَيْكُم عَذابَ يَومٍ مُحيطٍ)۳، فأرسَلَ المَلِكُ إلَيهِ بالإنكارِ ، فقالَ شُعَيب : إنّي مَنهِيٌّ في كِتابِ اللَّهِ تعالى والوَحيِ الّذي أوحَى اللَّهُ إليَّ بهِ ، أنّ المَلِكَ إذا كانَ بمَنزِلَتِكَ الّتي نَزَلتَها يُنزِلُ اللَّهُ بساحَتِهِ نِقمَتَهُ ، فلَمّا سَمِعَ المَلِكُ ذلكَ أخرَجَهُ مِن القَريَةِ ، فأرسَلَ اللَّهُ إلَيهِم سَحابَةً فأظَلَّتهُم ، فأرسَلَ علَيهِم في بُيوتِهِمُ السَّمومَ ، وفي طَريقهِمُ الشَّمسُ الحارّةُ وفي القَريَةِ ، فَجَعَلوا يَخرُجونَ مِن بُيوتِهِم ويَنظُرونَ إلَى السَّحابَةِ الّتي قد أظَلّتهُم مِن أسفَلِها ، فانطَلَقوا سَريعاً كلُّهُم إلى أهلِ بَيتٍ كانوا يُوفُونَ المِكيالَ والمِيزانَ ولا يَبخَسونَ النّاسَ أشياءهُم ، فنَصحَهُم اللَّهُ وأخرَجَهُم من بَينِ العُصاةِ ، ثُمّ أرسَلَ على أهلِ القَريَةِ مِن تلكَ السَّحابَةِ عَذاباً وناراً فأهلَكَتهُم ، وعاشَ شُعَيبٌ صلواتُ اللَّهِ عليهِ مِائتَينِ واثنتَينِ وأربَعينَ سَنةً .۴
1.الشعراء : ۱۸۹ .
2.قصص الأنبياء : ۱۴۶/۱۵۹ .
3.هود : ۸۴ .
4.قصص الأنبياء : ۱۴۶/۱۵۸ .