عیسی - الصفحه 10

إجمال ما سيأتي في تفسير الآيات تفصيله إن شاء اللَّه تعالى‏ .
وأمّا ما قاله الناس في عيسى‏ عليه السلام ، فإنّهم وإن تشتّتوا في مذاهبهم بعده واختلفوا في مسالكهم بما ربّما جاوز السبعين من حيث كلّيّات ما اختلفوا فيه ، وجزئيّات المذاهب والآراء كثيرة جدّاً ، لكنّ القرآن إنّما يهتمّ بما قالوا به في أمر عيسى‏ نفسه واُمّه ؛ لمساسه بأساس التوحيد الذي هو الغرض الوحيد فيما يدعو إليه القرآن الكريم والدين الفطريّ القويم ، وأمّا بعض الجزئيّات - كمسألة التحريف ، ومسألة التفدية - فلم يهتمّ به ذاك الاهتمام .
والذي حكاه القرآن الكريم عنهم أو نسبه إليهم ما في قوله تعالى‏ : (وقالَتِ النَّصارى‏ المَسيحُ ابْنُ اللَّهِ)۱وما في معناه كقوله تعالى‏ : (وقالوا اتَّخَذَ الرَّحْمنُ ولَداً سُبْحانَهُ)۲ ، وما في قوله تعالى‏ : (لَقَدْ كَفَرَ الّذِينَ قالوا إنَّ اللَّهَ هُوَ المَسيحُ ابْنُ مَرْيَمَ)۳ ، وما في قوله تعالى‏ : (لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إنّ اللَّهَ ثالِثُ ثَلاثَةٍ)۴ ، وما في قوله تعالى‏ : (ولا تَقولوا ثَلاثَةٌ) .۵
وهذه الآيات وإن اشتملت بظاهرها على‏ كلمات مختلفة ذوات مضامين ومعان متفاوتة - ولذلك ربّما حُمِلت‏۶ على اختلاف المذاهب في ذلك كمذهب الملكانيّة القائلين بالبنوّة الحقيقية ، والنسطوريّة القائلين بأنّ النزول والبنوّة من قبيل إشراق النور على‏ جسم شفّاف كالبلّور ، واليعقوبيّة القائلين بأنّه من الانقلاب ، وقد انقلب الإله سبحانه لحماً ودماً - لكنّ الظاهر أنّ القرآن لايهتمّ بخصوصيّات مذاهبهم المختلفة ، وإنّما يهتمّ بكلمة واحدة مشتركة بينهم جميعاً وهو البنوّة ، وأنّ المسيح من سنخ الإله سبحانه ، وما يتفرّع عليه من حديث التثليث وإن اختلفوا في تفسيرها

1.التوبة : ۳۰ .

2.الأنبياء : ۲۶ .

3.المائدة : ۷۲ .

4.المائدة : ۷۳ .

5.النساء : ۱۷۱ .

6.كما فعله الشهرستانيّ في الملل والنحل. (كما في هامش المصدر).

الصفحه من 14