وبَعَثتُ إلَيكَ بجارِيَتَينِ لَهُما مَكانٌ في القِبطِ عَظيمٌ ، وقد أهدَيتُ لكَ كِسوَةً وبَغلَةً تَركَبُها ، ولَم يَزِدْ على هذا ولَم يُسلِمْ ، فقَبِلَ رسولُ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله هَديَّتَهُ ، وأخَذَ الجاريَتَينِ مارِيَةَ اُمَّ إبراهيمَ ابنِ رسولِ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله واُختَها سِيرينَ ، وَبغلَةً بَيضاءَ لَم يَكُن في العَرَبِ يَومئذٍ غَيرُها وهِي دُلدُلُ ، وقالَ رسولُ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله: ضَنَّ الخَبيثُ بمُلكِهِ ولا بَقاءَ لمُلكِهِ. قالَ حاطِبٌ : كانَ لي مُكرِماً في الضِّيافَةِ وقِلَّةِ اللَّبثِ بِبابِهِ ، ما أقَمتُ عِندَهُ إلّاخَمسَةَ أيّامٍ .۱
۱۹۹۳۵.الطبقات الكبرى : بَعَثَ رسولُ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله شُجاعَ ابنَ وَهبٍ الأسَديّ - وهو أحَدُ السِّتّةِ - إلَى الحارِثِ بنِ أبي شِمرٍ الغَسّانيِّ يَدعوهُ إلَى الإسلامِ وكَتَبَ مَعهُ كِتاباً ، قالَ شُجاعٌ : فأتَيتُ إلَيهِ وهُو بِغَوطَةِ دِمَشقَ ، وهُو مَشغولٌ بتَهيئَةِ الإنزالِ والألطافِ لقَيصرَ ، وهُو جاءٍ مِن حِمصَ إلى إيلياءَ ، فأقَمتُ على بابِهِ يَومَينِ أو ثَلاثَةً ، فقُلتُ لحاجِبِهِ : إنّي رَسولُ رَسولِ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله إلَيهِ ، فقالَ : لا تَصِلُ إلَيهِ حتّى يَخرُجَ يومَ كذا وكذا، وجَعلَ حاجِبُهُ - وكانَ رُوميّاً اسمُهُ مرى - يَسألُني عن رَسولِ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله ، فكُنتُ اُحَدِّثُهُ عن صفَةِ رَسولِ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله وما يَدعو إلَيهِ ، فيَرِقُّ حتّى يَغلِبَهُ البُكاءُ ويقولَ : إنّي قد قَرأتُ الإنجيلَ فأجِدُ صفَةَ هذا النَّبيِّ صلى اللَّه عليه وآله بعَينِهِ ، فأنا اُؤمِنُ بهِ واُصَدِّقُهُ وأخافُ مِن الحارِثِ أن يَقتُلَني . وكانَ يُكرِمُني ويُحِسنُ ضِيافَتي . وخَرجَ الحارِثُ يَوماً فجَلَسَ ووضَعَ التّاجَ على رأسِهِ ، فأذِنَ لي علَيهِ ، فدَفَعتُ إلَيهِ كِتابَ رسولِ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله ، فقَرأهُ ثُمّ رَمى بهِ وقالَ : مَن يَنتَزِعُ مِنّي مُلكي ؟! أنا سائرٌ إلَيهِ ولَو كانَ باليَمَنِ جِئتُهُ ، علَيَّ بالنّاسِ ! فلَم يَزَلْ يَفرِضُ حَتّى قامَ ، وأمَرَ بالخُيولِ تُنعَلُ ، ثُمّ قالَ : أخبِرْ صاحِبَكَ ما تَرى ، وكَتَبَ إلى قَيصرَ يُخبِرُهُ خَبَري وما عَزَمَ علَيهِ ، فكَتَبَ إلَيهِ قَيصرُ ألّا تَسيرَ إلَيهِ والْهُ عنهُ ووافِني بإيلياءَ ، فلمّا جاءَهُ جَوابُ كِتابهِ دَعاني فقالَ : متى تُريدُ أن تَخرُجَ إلى صاحِبِكَ ؟ فقُلتُ : غَداً ، فأمَرَ لي بمائةِ مِثقالِ ذَهَبٍ ، ووَصَلَني
1.الطبقات الكبرى : ۱ / ۲۶۰ .