خصائص خاتم النبیین - الصفحه 26

فقالَ : ما مَنَعَني ذلكَ أن قَرَأتُ اللَّيلَةَ ثَلاثينَ سُورَةً فيهِنَّ السَّبعُ الطِّوالُ ، فقالَ عُمرُ : يا رَسولَ اللَّهِ ، غَفَرَ اللَّهُ لكَ ما تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وما تَأخَّرَ وأنتَ تَجهَدُ هذا الاجتِهادَ ؟ فقالَ : ياعُمرُ ، أفَلا أكونُ عَبداً شَكوراً ؟ !۱

۲۰۰۶۳.بحار الأنوار عن طاووس الفَقيه : رَأيتُ في الحِجرِ زينَ العابِدينَ عليه السلام يُصَلّي ويَدعو : عُبَيدُكَ بِبابِكَ ، أسيرُكَ بفِنائكَ ، مِسكينُكَ بفِنائكَ ، سائلُكَ بفِنائكَ ، يَشكو إلَيكَ ما لا يَخفى‏ علَيكَ . وفي خَبرٍ : لا تَرُدَّني عن بابِكَ .
وأتَت فاطمةُ بِنتُ عليِّ بنِ أبي طالبٍ إلى‏ جابِرِ بنِ عبدِاللَّهِ فقالَت لَهُ : يا صاحِبَ رسولِ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله، إنّ لَنا علَيكُم حُقوقاً ، ومِن حَقِّنا علَيكُم أن‏إذا رأيتُم أحَدَنا يُهلِكُ نَفسَهُ اجتِهاداً أن تُذَكِّروهُ اللَّهَ ، وتَدعوهُ إلَى البُقيا على‏ نَفسِهِ ، وهذا عليُّ بنُ الحسينِ بَقيَّةُ أبيهِ الحسينِ قدِ انخَرَمَ أنفُهُ ، ونَقِبَت جَبهَتُهُ ورُكبَتاهُ وراحَتاهُ ، أذابَ نفسَهُ في العِبادَةِ !
فأتى‏ جابرٌ إلى‏ بابِهِ واستأذَنَ ، فلَمّا دَخَلَ علَيهِ وَجَدَهُ في مِحرابِهِ قد أنضَتهُ‏۲ العِبادَةُ ، فنَهَضَ عليٌّ فسألَهُ عن حالِهِ سُؤالاً حَفِيّاً ، ثمّ أجلَسَهُ بجَنبِهِ ، ثُمّ أقبَلَ جابرٌ يقولُ : يابنَ رسولِ اللَّهِ، أما عَلِمتَ أنّ اللَّهَ إنّما خَلَقَ الجَنّةَ لَكُم ولِمَن أحَبَّكُم ، وخَلَقَ النّارَ لِمَن أبغَضَكُم وعاداكُم ، فما هذا الجَهدُ الّذي كَلَّفتَهُ نفسَكَ ؟ ! فقالَ لَهُ عليُّ بنُ الحسينِ : يا صاحِبَ رسولِ اللَّهِ ، أما عَلِمتَ أنّ جَدّي رَسولَ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله قد غَفَرَ اللَّهُ لَهُ ما تَقَدَّمَ مِن ذَنبِهِ وما تأخَّرَ ، فلَم يَدَعِ الاجتِهادَ لَهُ ، وتَعَبَّدَ - بأبي هُو واُمّي - حتَّى انتَفَخَ السّاقُ وَورِمَ القَدَمُ ، وقيلَ لَهُ : أتَفعَلُ هذا وقد غَفَرَ اللَّهُ لَكَ ما تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وما تأخَّرَ ؟! قالَ : أفلا أكونُ عَبداً شَكوراً ؟!
فلَمّا نَظَرَ إلَيهِ جابِرٌ ولَيسَ يُغني فيهِ قَولٌ ، قالَ : يابنَ رسولِ اللَّهِ ، البُقيا على‏ نَفسِكَ ؛ فإنّكَ مِن اُسرَةٍ بِهِم يُستَدفَعُ البَلاءُ ، وبِهِم تُستَكشَفُ اللَّأواءُ ، وبِهِم

1.الأمالي للطوسي : ۴۰۳ / ۹۰۳ .

2.أنضى الدابّة : هَزَلها وأتعبها، والثوب : أبلاه (المعجم الوسيط :۲/۹۲۹) .

الصفحه من 38