خصائص خاتم النبیین - الصفحه 28

التّفسير :

قال العلّامة الطباطبائيّ في تفسير قوله تعالى‏ : (ولَقَدْ نَعْلَمُ أ نَّهُم يَقولونَ إنّما يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ) : «افتراء آخر منهم علَى النّبيّ صلى اللَّه عليه وآله وهو قولهم : (إنّما يُعلِّمُهُ بَشَرٌ) وهو - كما يلوّح إليه سياق اعتراضهم وما ورد في الجواب عنه - أ نّه كان هناك رجل أعجميّ غير فصيح في منطقه عنده شي‏ء من معارف الأديان وأحاديث النبوّة ربّما لاقاه النبيّ صلى اللَّه عليه وآله ، فاتّهموه بأ نّه يأخذ ما يدّعيه وحياً منه والرجل هو الذي يعلّمه ، وهو الذي حكاه اللَّه تعالى‏ من قولهم : (إنّما يُعَلّمُهُ بَشَرٌ) وفي القول إيجاز ، وتقديره : إنّما يعلّمه بشر وينسب ما تعلّمه منه إلَى اللَّه افتراءً عليه ، وهو ظاهر .
ومن المعلوم أنّ الجواب عنه بمجرّد أنّ لسان الرجل أعجميّ والقرآن عربيّ مبين لا يحسم مادّة الشبهة من أصلها ، لجواز أن يلقي إليه المطالب بلسانه الأعجميّ ثمّ يسبكها هو صلى اللَّه عليه وآله ببلاغة منطقه في قالب العربيّة الفصيحة ، بل هذا هو الأسبق إلَى الذهن من قولهم : (إنّما يُعلِّمُهُ بَشَرٌ) حيث عبّروا عن ذلك بالتعليم دون التلقين والإملاء ، والتعليم أقرب إلَى المعاني منه إلَى الألفاظ .
وبذلك يظهر أنّ قوله : (لِسانُ الّذي يُلْحِدونَ إلَيهِ - إلى‏ قوله - مُبينٌ) ليس وحده جواباً عن شبهتهم ، بل ما يتلوه من الكلام إلى‏ تمام آيتين من تمام الجواب .
وملخّص الجواب مأخوذ من جميع الآيات الثلاث أنّ ما اتّهمتموه به أنّ بشراً يعلّمه ثمّ هو ينسبه إلَى اللَّه افتراءً إن أردتم أ نّه يعلّمه القرآن بلفظه بالتلقين عليه وأنّ القرآن كلامه لا كلام اللَّه ، فجوابه أنّ هذا الرجل لسانه أعجميّ وهذا القرآن عربيّ مبين .
وإن أردتم أنّ الرجل يعلّمه معاني القرآن - واللفظ لا محالة للنبيّ صلى اللَّه عليه وآله - وهو ينسبه إلَى اللَّه افتراءً عليه ، فالجواب عنه أنّ الذي يتضمّنه القرآن

الصفحه من 38