خصائص خاتم النبیین - الصفحه 30

ثمّ حملوا قوله : (وهذا لِسانٌ عَرَبيٌّ مُبينٌ) علَى التحدّي بإعجاز القرآن في بلاغته . وأنت تعلم أن لا خبر في لفظ الآية عن أنّ القرآن معجز في بلاغته ولا أثر عن التحدّي ، ونهاية ما فيه أ نّه عربيّ مبين لا وجه لأن يفصح عنه ويلفظه أعجميّ .
ثمّ حملوا الآيتين التاليتين على‏ تهديد اُولئك الكفرة بآيات اللَّه الرامين لرسوله صلى اللَّه عليه وآله بالافتراء ، ووعيدهم بالعذاب الأليم، وقلب الافتراء والكذب إليهم بأ نّهم أولى‏ بالافتراء والكذب بما أ نّهم لايؤمنون بآيات اللَّه فإنّ اللَّه لم يهدهم .
ثمّ تكلّموا بالبناء عليه في مفردات الآيتين بما يزيد في الابتعاد عن حقّ المعنى‏ .
وقد عرفت أنّ ذلك يؤدّي إلى‏ عدم كفاية الجواب في حسم الإشكال من أصله» .۱
وقال في مبحث إعجاز القرآن في تحدّيه بمن اُنزل عليه ما نصّه : «وقد تحدّى‏ بالنبيّ الاُمّي الذي جاء بالقرآن المعجز في لفظه ومعناه ، ولم يتعلّم عند معلّم ولم يتربّ عند مربٍّ ، بقوله تعالى‏ : (قُلْ لَو شاءَ اللَّهُ ما تَلَوْتُهُ علَيْكُم ولا أدْراكُم بهِ فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُم عُمُراً مِنْ قَبْلِهِ أفلا تَعْقِلونَ)۲ ، فقد كان صلى اللَّه عليه وآله بينهم وهو أحدهم لا يتسامى‏ في فضل ولا ينطق بعلم حتّى‏ لم يأت بشي‏ء من شعر أو نثر نحواً من أربعين سنة وهو ثلثا عمره لا يحوز تقدّماً ولا يرد عظيمة من عظائم المعالي ثمّ أتى بما أتى‏ به دفعة ، فأتى‏ بما عجزت عنه فُحولهم وكلّت دونه ألسنة بلغائهم ، ثمّ بثّه في أقطار الأرض فلم يجترئ على‏ معارضته مُعارِض من عالم أو فاضل أو ذي لبّ وفطانة .
وغاية ما أخذوه عليه : أ نّه سافر إلَى الشام للتجارة فتعلّم هذه القصص ممّن هناك من الرهبان . ولم يكن

1.الميزان في تفسير القرآن : ۱۲ / ۳۴۷ .

2.يونس : ۱۶ .

الصفحه من 38