خصائص خاتم النبیین - الصفحه 33

القِنطارَ ، وكانَ عَمَّ أبي جَهلٍ ، فقالوا لَهُ : يا عَبدَ شَمسٍ ، ما هذا الّذي يَقولُ محمّد ؟ أسِحرٌ ، أم كِهانَةٌ ، أم خُطَبٌ ؟ فقالَ : دَعُوني أسمَعْ كلامَهُ ، فدَنا مِن رسولِ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله وهُو جالِسٌ في الحِجرِ فقالَ : يا محمّدُ ، أنشِدْني شِعرَكَ ، فقالَ : ما هو بشِعرٍ ولكنَّهُ كلامُ اللَّهِ الّذي بَعَثَ أنبياءهُ ورُسُلَهُ ، فقالَ : اُتْلُ ، فقَرأَ : بسمِ اللَّهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ ، فلَمّا سَمِعَ الرَّحمنَ استَهزأَ مِنهُ وقالَ : تَدعُو إلى‏ رجُلٍ باليَمامَةِ باسمِ الرَّحمنِ ؟! قالَ : لا ولكنّي أدعُو إلَى اللَّهِ وهُو الرّحمنُ الرَّحيمُ ، ثُمّ افتَتَحَ «حم السَّجدَة» ، فلَمّا بَلَغَ إلى‏ قَولِهِ : (فإنْ أعْرَضُوا فَقُلْ أنْذَرْتُكُمْ صاعِقَةً مِثْلَ صاعِقَةِ عادٍ وثَمُودَ)۱ وسَمِعَهُ ، اقشَعرَّ جِلدُهُ وقامَت كُلُّ شَعرَةٍ في بدَنِهِ ، وقامَ ومَشى‏ إلى‏ بَيتِهِ ولَم يَرجِعْ إلى‏ قُرَيشٍ ، فقالوا : صَبأَ أبو عَبدِ شَمسٍ إلى‏ دِينِ محمّدٍ ! فاغتَمَّت قُرَيشٌ وغَدا علَيهِ أبو جَهلٍ فقالَ : فضَحتَنا يا عَمُّ ! قالَ : يابنَ أخي ، ما ذاكَ وإنّي على‏ دِينِ قَومي ، ولكنّي سَمِعتُ كلاماً صَعباً تَقشَعِرُّ مِنهُ الجُلودُ ، قالَ أفشِعرٌ هُو ؟ قالَ : ما هُو بشِعرٍ . قالَ : فخُطَبٌ ؟ قالَ : لا ، إنّ الخُطَبَ كلامٌ مُتَّصِلٌ ، وهذا كلامٌ مَنثورٌ لا يُشبِهُ بَعضُهُ بَعضاً ، لَه طَلاوَةٌ . قالَ : فكِهانَةٌ هُو ؟ قالَ : لا ، قالَ : فما هُو ؟ قالَ : دَعْني اُفكِّرْ فيهِ . فلَمّا كانَ مِن الغَدِ قالوا : يا عَبدَ شَمسٍ ، ما تَقولُ ؟ قالَ : قُولوا : هُو سِحرٌ ؛ فإنّهُ آخِذٌ بقُلوبِ النّاسِ ! فأنزَلَ اللَّهُ تعالى‏ فيهِ : (ذَرْني ومَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً * وجَعَلْتُ لَهُ مالاً مَمْدُوداً * وبَنينَ شُهُوداً إلى‏ قولهِ - علَيها تِسْعَةَ عَشَرَ) .۲
وفي حديثِ حمّادِ بنِ زيدٍ عن أيُّوبَ عن عِكرِمَةَ قالَ : جاءَ الوليدُ بنُ المُغيرَةِ إلى‏ رَسولِ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله فقالَ : اِقرَأْ علَيَّ ، فقالَ : (إنَّ اللَّهَ يَأمُرُ بالعَدْلِ والإحْسانِ وإيْتاءِ ذِي القُرْبَى‏ ويَنْهَى‏ عَنِ الفَحْشاءِ والمُنْكَرِ والبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ)۳ ، فقالَ : أعِدْ ، فأعادَ ، فقالَ : واللَّهِ، إنّ لَهُ لَحَلاوَةً وطَلاوَةً۴ ، وإنَّ

1.فصّلت : ۱۳ .

2.المدّثّر : ۱۱ - ۳۰ .

3.النحل : ۹۰ .

4.الطلاوة - مثلّثة - : الحُسن والبَهجة والقبول . (القاموس المحيط : ۴ / ۳۵۷).

الصفحه من 38