خصائص خاتم النبیین - الصفحه 36

على‏ ما يشهد به قوله تعالى‏ في القصّة : (يا أيُّها النَّبيُّ قُلْ لأزْواجِكَ إنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الحَياةَ الدُّنيا وزِينَتَها فتَعالَيْنَ اُمَتِّعْكُنَّ واُسَرِّحْكُنَّ سَراحاً جَميلاً * وإنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ ورَسُولَهُ والدّارَ الآخِرَةَ فإنّ اللَّهَ أعَدَّ للمُحْسِناتِ مِنْكُنَّ أجْراً عَظيماً) .۱ وهذا المعنى‏ أيضاً - كما ترى‏ - لا ينطبق على‏ حال رجل مغرم بجمال النّساء صابٍ إلى‏ وصالهنّ .
فلا يبقى‏ حينئذٍ للباحث المتعمّق - إذا أنصف - إلّا أن يوجّه كثرة ازدواجه صلى اللَّه عليه وآله فيما بين أوّل أمره وآخر أمره بعوامل اُخر غير عامل الشره والشبق والتلهّي .
فقد تزوّج صلى اللَّه عليه وآله ببعض هؤلاء الأزواج اكتساباً للقوّة وازدياداً للعضد والعشيرة ، وببعض هؤلاء استمالةً للقلوب وتوقّياً من بعض الشرور ، وببعض هؤلاء ليقوم على‏ أمرها بالإنفاق وإدارة المعاش ، وليكون سنّة جارية بين المؤمنين في حفظ الأرامل والعجائز من المسكنة والضيعة .
وببعضها لتثبيت حكم مشروع وإجرائه عملاً لكسر السنن المنحطّة والبدع الباطلة الجارية بين الناس ، كما في تزوّجه بزينب بنت جحش وقد كانت زوجة لزيد بن حارثة ثمّ طلّقها زيد ، وقد كان زيد هذا يدعَى ابن رسول اللَّه على‏ نحو التبنّي ، وكانت زوجة المدعوّ ابناً عندهم كزوجة الابن الصُّلبيّ لا يتزوّج بها الأب ، فتزوّج بها النبيّ صلى اللَّه عليه وآله ونزل فيها الآيات.
وكان صلى اللَّه عليه وآله تزوّج لأوّل مرّة بعد وفاة خديجة بسَودة بنت زمعة وقد توفّي عنها زوجها بعد الرجوع من هجرة الحبشة الثانية ، وكانت سودة هذه مؤمنة مهاجرة ، ولو رجعت إلى‏ أهلها وهم يومئذٍ كفّار لفتنوها كما فتنوا غيرها من المؤمنين والمؤمنات بالزجر والقتل والإكراه علَى الكفر .
وتزوّج بزينب بنت خُزَيمة بعد قتل زوجها عبداللَّه بن جحش في اُحد ،

1.الأحزاب : ۲۸ و ۲۹ .

الصفحه من 38