خِلالِ ذلكَ عنِ الآخِرَةِ تَغفُلونَ ، فَمَتى تُجَهِّزُونَ الزّادَ وتُفَكِّرُونَ في المَعادِ ؟!
فقالَ لَهُ رَجُلٌ : يا أميرَ المؤمنينَ ، إنّه لابُدَّ لنا مِنَ المَعاشِ ، فكيفَ نَصنَعُ ؟ فقالَ أميرُ المؤمنينَ عليه السلام : إنَّ طَلَبَ المَعاشِ مِن حِلِّهِ لا يَشغَلُ عَن عَمَلِ الآخِرَةِ ، فإن قلتَ : لابُدَّ لنا مِنَ الاحتِكارِ لَم تَكُن مَعذوراً.
فَوَلَّى الرَّجُلُ باكياً ، فقالَ لَهُ أميرُ المؤمنينَ عليه السلام: أقبِلْ عَلَيَّ أزِدْكَ بَياناً ، فَعادَ الرجُلُ إلَيهِ فقالَ لَهُ : اِعلَمْ يا عبدَ اللَّهِ أنَّ كُلَّ عامِلٍ في الدنيا لِلآخِرَةِ لابُدَّ أن يُوَفّى أجرَ عَمَلِهِ في الآخِرَةِ ، وكُلَّ عامِلِ دُنيا للدنيا عُمالَتُهُ فِي الآخِرَةِ نارُ جَهَنَّمَ . ثُمّ تلا أميرُ المؤمنينَ عليه السلام قولَهُ تعالى : (فَأمّا مَنْ طَغَى * وآثَرَ الحَياةَ الدُّنيا * فَإنَّ الجَحِيمَ هِيَ المَأوى)۱ . ۲
۹۲۲۲.بحار الأنوار عن أبي سعيد : كانَ عَلِيٌّ عليه السلام يَأتِي السُّوقَ فيقولُ: يا أهلَ السُّوقِ اِتَّقُوا اللَّهَ ، وإيّاكُم والحَلفَ فإنّهُ يُنَفِّقُ السِّلعَةَ ، ويَمحَقُ البَرَكَةَ ، وإنَّ التاجِرَ فاجِرٌ إلّا مَن أخَذَ الحَقَّ وأعطاهُ ، السَّلامُ علَيكُم . ثُمَّ يَمكُثُ الأيّامَ ثُمّ يَأتي فَيقولُ مِثلَ مَقالَتِهِ ، فكانَ إذا جاءَ قالوا : قد جاءَ المَرد شِكَنبه ؛ أي قد جاءَ عظيمُ البَطنِ ، فيقولُ : أسفَلُهُ طَعامٌ ، وأعلاهُ عِلمٌ .۳