أنّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيءٍ فانّ للَّهِِ خُمُسَهُ...) الآية بعد حين ، فأخرج النبيّ صلى اللَّه عليه وآله ممّا ردّ إليهم من السهام الخمس وبقي لهم الباقي . هذا ما يتحصّل من انضمام الآيات المربوطة بالأنفال بعضها ببعض .
فقوله تعالى : (يَسْألونَكَ عَنِ الأنْفالِ) يفيد - بما ينضمّ إليه من قرائن السياق - أنّهم سألوا النبيّ صلى اللَّه عليه وآله عن حكم غنائم الحرب بعد ما زعموا أنّهم يملكون الغنيمة ، واختلفوا فيمن يملكها ، أو في كيفيّة ملكها وانقسامها بينهم ، أوفيهما معاً ، وتخاصموا في ذلك .
وقوله : (قُلِ الأنْفالُ للَّهِِ والرَّسُولِ) جواب عن مسألتهم ، وفيه بيان أنّهم لا يملكونها وإنّما هي أنفال يملكها اللَّه ورسوله ، فيوضع حيثما أراد اللَّه ورسوله ، وقد قطع ذلك أصل ما نشب بينهم من الاختلاف والتخاصم .
ويظهر من هذا البيان أنّ الآية غير ناسخة لقوله تعالى: (فَكُلوا مِمّا غَنِمْتُمْ...) إلى آخر الآية، وإنّما تبيّن معناها بالتفسير ، وأنّ قوله : (كُلوا) ليس بكناية عن ملكهم للغنيمة بحسب الأصل ، وإنّما المراد هو التصرّف فيها والتمتّع منها إلّا أن يمتلكوا بقسمة النبيّ صلى اللَّه عليه وآله إيّاها بينهم .
ويظهر أيضاً أنّ قوله تعالى : (واعْلَموا أنّ ما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيءٍ فأنّ للَّهِِ خُمُسَهُ ولِلرَّسُولِ ولِذي القُرْبى...) الآية ليس بناسخ لقوله : (قُلِ الأنْفالُ للَّهِِ والرَّسُولِ ...) الآية ؛ فإنّ قوله : (واعْلَموا أنّ ما غَنِمْتُمْ ...) الآية إنّما يؤثّر بالنسبة إلَى المجاهدين منعهم عن أكل تمام الغنيمة والتصرّف فيه ؛ إذ لم يكن لهم بعد نزول قوله : (الأنْفالُ للَّهِِ والرَّسُولِ) إلّا ذلك . وأمّا قوله : (الأنْفالُ للَّهِِ والرَّسُولِ) فلا يفيد إلّا كون أصل ملكها للَّه والرسول من دون أن يتعرّض لكيفيّة التصرّف وجواز الأكل والتمتّع ، فلا يناقضه في ذلك قوله : (واعْلَموا أنّ ما غَنِمْتُمْ...) الآية ، حتّى يكون بالنسبة إليه ناسخاً ، فيتحصّل من مجموع الآيات الثلاث : أنّ أصل الملك في