3938 - الهِدايَةُ الإلهِيَّةُ العامَّةُ
الكتاب :
(قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى) .۱
(اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ) .۲
التّفسير :
قوله تعالى : (قالَ رَبُّنا الّذِي أعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدى) سياق الآية - وهي واقعة في جواب سؤال فرعون : (فمَنْ رَبُّكُما يا مُوسى)۳ - يعطي أنّ «خَلْقَهُ» بمعنَى اسم المصدر ، والضمير للشيء ، فالمراد الوجود الخاصّ بالشيء .
والهداية إراءة الشيء الطريق الموصل إلى مطلوبه ، أو إيصاله إلى مطلوبه . ويعود المعنيان في الحقيقة إلى معنىً واحد ، وهو نوع من إيصال الشيء إلى مطلوبه : إمّا بإيصاله إليه نفسه أو إلى طريقه الموصل إليه .
وقد اُطلق الهداية من حيث المهديّ والمهديّ إليه ، ولم يسبق في الكلام إلّا الشيء الذي اُعطي خلقه ، فالظاهر أنّ المراد هداية كلّ شيء - المذكور قبلاً - إلى مطلوبه ، ومطلوبه هو الغاية التي يرتبط بها وجوده وينتهي إليها ، والمطلوب هو مطلوبه من جهة خلقه الذي اُعطيه ، ومعنى هدايته له إليها تسييره نحوها ، كلّ ذلك بمناسبة البعض للبعض .
فيؤول المعنى إلى إلقائه الرابطة بين كلّ شيء بما جهّز به في وجوده من القوى والآلات وبين آثاره التي تنتهي به إلى غاية وجوده ؛ فالجنين من الإنسان مثلاً - وهو نطفة مصوّرة بصورته - مجهّز في نفسه بقوىً وأعضاء تناسب من الأفعال والآثار ما ينتهي به إلَى الإنسان الكامل في نفسه وبدنه ، فقد اُعطيت النطفة الإنسانيّة - بما لها من الاستعداد - خَلْقها الذي يخصّها وهو الوجود الخاصّ بالإنسان ، ثمّ