257
ميزان الحکمه المجلّد التّاسع

3938 - الهِدايَةُ الإلهِيَّةُ العامَّةُ

الكتاب :

(قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى‏ كُلَّ شَيْ‏ءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى‏) .۱

(اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ) .۲

التّفسير :

قوله تعالى‏ : (قالَ رَبُّنا الّذِي أعْطى‏ كُلَّ شَيْ‏ءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدى‏) سياق الآية - وهي واقعة في جواب سؤال فرعون : (فمَنْ رَبُّكُما يا مُوسى‏)۳ - يعطي أنّ «خَلْقَهُ» بمعنَى اسم المصدر ، والضمير للشي‏ء ، فالمراد الوجود الخاصّ بالشي‏ء .
والهداية إراءة الشي‏ء الطريق الموصل إلى‏ مطلوبه ، أو إيصاله إلى‏ مطلوبه . ويعود المعنيان في الحقيقة إلى‏ معنىً واحد ، وهو نوع من إيصال الشي‏ء إلى‏ مطلوبه : إمّا بإيصاله إليه نفسه أو إلى‏ طريقه الموصل إليه .
وقد اُطلق الهداية من حيث المهديّ والمهديّ إليه ، ولم يسبق في الكلام إلّا الشي‏ء الذي اُعطي خلقه ، فالظاهر أنّ المراد هداية كلّ شي‏ء - المذكور قبلاً - إلى‏ مطلوبه ، ومطلوبه هو الغاية التي يرتبط بها وجوده وينتهي إليها ، والمطلوب هو مطلوبه من جهة خلقه الذي اُعطيه ، ومعنى‏ هدايته له إليها تسييره نحوها ، كلّ ذلك بمناسبة البعض للبعض .
فيؤول المعنى‏ إلى‏ إلقائه الرابطة بين كلّ شي‏ء بما جهّز به في وجوده من القوى‏ والآلات وبين آثاره التي تنتهي به إلى‏ غاية وجوده ؛ فالجنين من الإنسان مثلاً - وهو نطفة مصوّرة بصورته - مجهّز في نفسه بقوىً وأعضاء تناسب من الأفعال والآثار ما ينتهي به إلَى الإنسان الكامل في نفسه وبدنه ، فقد اُعطيت النطفة الإنسانيّة - بما لها من الاستعداد - خَلْقها الذي يخصّها وهو الوجود الخاصّ بالإنسان ، ثمّ

1.طه : ۵۰ .

2.النور : ۳۵ .

3.طه : ۴۹ .


ميزان الحکمه المجلّد التّاسع
256
  • نام منبع :
    ميزان الحکمه المجلّد التّاسع
عدد المشاهدين : 188445
الصفحه من 643
طباعه  ارسل الي