331
ميزان الحکمه المجلّد التّاسع

استظهرت في ظهورها واستقرارها بِالسنّة الإسلاميّة في الإرث ، فكم بين موقف الإسلام عند تشريع إرث النساء في الدنيا وبين موقفهنّ من الفرق ؟!
فقد كان الإسلام يظهر أمراً ماكانت الدنيا تعرفه ولاقرعت أسماع الناس بمثله ، ولاذكرته أخلاف عن أسلافهم الماضين وآبائهم الأوّلين ، وأمّا هذه القوانين فإنّها اُبديت وكلّف بها اُمم حينما كانت استقرّت سنّة الإسلام في الإرث بين الاُمم الإسلاميّة في معظم المعمورة بين مئات الملايين من الناس ، توارثها الأخلاف من أسلافهم في أكثر من عشرة قرون . ومن البديهيّات في أبحاث النفس أنّ وقوع أمر من الاُمور في الخارج ثمّ ثبوتها واستقرارها نِعم العون في وقوع مايشابهها . وكلّ سنّة سابقة من السنن الإجتماعيّة مادّة فكريّة للسنن اللاحقة المجانسة ، بل الاُولى هي المادّة المتحوّلة إلَى الثانية ، فليس لباحث اجتماعيّ أن ينكر استظهار القوانين الجديدة في الإرث بما تقدّمها من الإرث الإسلاميّ وتحوّله إليها تحوّلاً عادلاً أو جائراً .
فمن أغرب الكلام ما ربّما يقال - قاتل اللَّه عصبيّة الجاهليّة الاُولى‏ - : إنّ القوانين الحديثة إنّما استفادت في موادّها من قانون الروم القديمة ! وأنت قد عرفت ما كانت عليه سنّة الروم القديمة في الإرث ، وماقدّمته السنّة الإسلاميّة إلَى المجتمع البشريّ ، وأنّ السنّة الإسلاميّة متوسّطة في الظهور والجريان العمليّ بين القوانين الروميّة القديمة وبين القوانين الغربيّة الحديثة ، وكانت متعرّفة متعمّقة في مجتمع الملايين ومئات الملايين من النفوس الإنسانيّة قروناً متوالية متطاولة ، ومن المحال أن تبقى سدىً وعلى‏ جانب من التأثير في أفكار هؤلاء المقنّنين .
وأغرب منه أنّ هؤلاء القائلين يذكرون أنّ الإرث الإسلامي مأخوذ من الإرث الروميّ القديم !


ميزان الحکمه المجلّد التّاسع
330

بحسب اعتبار النوع في تخليف السابق للّاحق يرجع إلَى استخلاف أحد الزوجين للآخر ، واستخلاف الطبقة المولّدة وهم الآباء والاُمّهات للطبقة المتولّدة وهم الأولاد ، والفريضة الإسلاميّة في كلّ من القبيلَين - أعني الأزواج والأولاد - للذكر مثل حظّ الاُنثيين .
وينتج هذا النظر الكلّيّ أنّ الإسلام يرَى اقتسام الثروة الموجودة في الدنيا بِالثلث والثلثين ؛ فللاُنثى‏ ثلث وللذكر ثلثان ، هذا من حيث التملّك ، لكنّه لايرى‏ نظير هذا الرأي في الصرف للحاجة ؛ فإنّه يرى‏ نفقة الزوجة علَى الزوج ويأمر بِالعدل المقتضي للتساوي في المصرف ، ويعطي للمرأة استقلال الإرادة والعمل فيما تملكه من المال لا مداخلة للرجل فيه . وهذه الجهات الثلاث تنتج أنّ للمرأة أن تتصرّف في ثلثَي ثروة الدنيا (الثلث الذي تملكها ونصف الثلثين اللذين يملكهما الرجل) وليس في قبال تصرّف الرجل إلّا الثلث .

5 - عَلامَ استقرّ حال النساء و اليتامى في الإسلام ؟

أمّا اليتامى‏ فهم يرثون كالرجال الأقوياء ، ويربّون وينمّى‏ أموالهم تحت ولاية الأولياء كالأب والجدّ أو عامّة المؤمنين أو الحكومة الإسلاميّة ، حتّى‏ إذا بلغوا النكاح واُونس منهم الرشد دُفعت إليهم أموالهم واستوَوا على‏ مستوَى الحياة المستقلّة ، وهذا أعدل السنن المتصوّرة في حقّهم .
وأمّا النساء فإنّهنّ - بحسب النظر العامّ - يملكن ثلث ثروة الدنيا ويتصرّفن في ثلثَيها بما تقدّم من البيان ، وهنّ حرّات مستقلّات فيما يملكن لايدخلن تحت قيمومة دائمة ولا موقّتة ، ولا جناح علَى الرجال فيما فعلن في أنفسهنّ بِالمعروف.

6 - قوانين الإرث الحديثة :

هذه القوانين والسنن وإن خالفت قانون الإرث الإسلاميّ كمّاً وكيفاً - على‏ ما سيمرّ بك إجمالها - غير أ نّها

  • نام منبع :
    ميزان الحکمه المجلّد التّاسع
عدد المشاهدين : 226870
الصفحه من 643
طباعه  ارسل الي