كالأعمال السرّيّة فلا وقاء يقيها ، وأمّا الذكر الجاري والاسم السامي - ويؤثر غالباً فيما فيه تفدية وتضحية من الاُمور كالقتل في سبيل الوطن وبذل المال والوقت في ترفيع مباني الدولة ونحو ذلك - فليس ممّن يبتغيه ويذعن به ، ثمّ لا يذعن بما وراء الحياة الدنيا إلّا اعتقاداً خرافيّاً إذ لا إنسان - على هذا - بعد الموت والفوت حتّى يعود إليه شيء من النفع بثناء أو حسن ذكر . وأيّ عاقل يشتري تمتّع غيره بحرمان نفسه من غير أيّ فائدة عائدة ، أو يقدّم الحياة لغيره باختيار الموت لنفسه و ليس عنده بعد الموت إلّا البطلان ، والاعتقاد الخرافيّ يزول بأدنى تنبّه والتفات ؟!
فقد تبيّن أنّ شيئاً من هذه الاُمور ليس من شأنه أن يقوم مقام التوحيد ، ولا أن يخلفه في صدّ الإنسان عن المعصية ونقض السنن والقوانين ، وخاصّة إذا كان العمل ممّا من طبعه أن لا يظهر للناس ، وخاصّة إذا كان من طبعه أن لو ظهر ظهر على خلاف ما هو عليه لأسباب تقتضي ذلك ، كالتعفّف الذي يزعم أنّه كان شرها وبغياً كما تقدّم من حديث مراودة امرأة العزيز يوسف عليه السلام، وقد كان أمره يدور بين خيانة العزيز في امرأته وبين اتّهام المرأة إيّاه عند العزيز بقصدها بِالسوء ، فلم يمنعه عليه السلام - ولا كان من الحريّ أن يمنعه - شيء إلّا العلم بمقام ربّه .
2 - يحصل التَّقوى الدِّينيّ بأحداُمور ثلاثة :
وإن شئت فقل : إنّه سبحانه يُعبَد بأحد طرق ثلاثة : الخوف والرجاء والحبّ ، قال تعالى : (وَفي الآخِرَةِ عَذابٌ شَديدٌ و مَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ ورِضْوانٌ وما الحَياةُ الدُّنْيا إلّا مَتاعُ الغُرورِ)۱ ، فعلَى المؤمن أن يتنبّه لحقيقة الدنيا وهي أنّها متاع الغرور كسراب بقِيعة يحسبه الظمآن ماء حتّى إذا جاءه لم يجده شيئاً ، فعليه أن لا