441
مسند ابي بصير ج1

عن أبي بصير ، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : حججنا مع أبي عبداللّه في السنة الّتي وُلد فيها ولده موسى عليه السلام ، فلمّا نزلنا الأبواء وضع لنا الغداء ، وكان إذا وضع الطعام لأصحابه أكثره وأطابه ، قال : فبينا نحن نأكل إذ أتاه رسول حميدة فقال : إنّ حميدة تقول لك : إنّي قد أنكرت نفسي ، وقد وجدت ما كنت أجد إذ حضرتني ولادتي ، وقد أمرتني أن لا أسبقك بابني هذا .
قال : فقام أبو عبداللّه عليه السلام فانطلق مع الرسول ، فلمّا انطلق قال له أصحابه : سرَّك اللّه وجعلنا فداك ! ماصنعت حميدة ؟ قال : قد سلّمها اللّه ، وقد وهب لي غلما ، وهو خير من برأ اللّه في خلقه ، وقد أخبرتني حميدة ظنّت أني لا أعرفه ، ولقد كنت أعلم به منها ، فقلت : وما أخبرتك به حميدة عنه ؟ فقال : ذكرت أ نّه لمّا سقط من بطنها سقط واضعا يده على الأرض ، رافعا رأسه إلى السماء ، فأخبرتها أنَّ تلك أمارة رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلموأمارة الوصيِّ من بعده .
فقلت : وما هذا من علامة رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم وعلامة الوصي من بعده ؟ فقال : يا أبا محمّد ، إنّه لمّا أن كانت الليلة الّتي عُلق فيها بابني هذا المولود أتاني آتٍ فسقاني كما سقاهم ، وأمرني بمثل الّذي أمرهم به ، فقمت بعلم اللّه مسرورا بمعرفتي مايهب اللّه لي ، فجامعت فعلق بابني هذا المولود ، فدونكم فهو واللّه صاحبكم من بعدي ، إنَّ نطفة الإمام ممّا أخبرتُك ، فإذا سكنت النطفة في الرحم أربعة أشهر ، وأنشأ فيه الروح بعث اللّه ـ تبارك وتعالى ـ إليه ملكا يقال له : « حيوان » ، يكتب على ۱ عضده الأيمن : « وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلاً لاَّ مُبَدِّلَ لِكَلِمَـتِهِى »۲ ، فإذا وقع من بطن اُمّه وقع واضعا يديه على الأرض رافعا رأسه إلى السماء . فلمّا وضع يده على الأرض فإنَّ مناديا يناديه من بطنان العرش من قبل ربِّ العزَّة من الاُفق الأعلى باسمه واسم أبيه : « يا فلان بن فلان اثبت مليا لعظيمٍ خلقتك ، أنت صفوتي من خلقي ، وموضع سرّي وعيبة علمي ،

1.في البحار : « فكتب على » .

2.سورة الأنعام ( ۶ ) ، الآية ۱۱۵ .


مسند ابي بصير ج1
440

فجامع فعُلق بأبي ، ولمّا كان في الليلة التي عُلق بي فيها ، أتى آتٍ أبي فسقاه وأمره كما أمرهم ، فقام فرحا مسرورا فجامع فعُلق بي ، ولمّا كان في الليلة الّتي عُلق فيها بابني هذا ، أتاني آتٍ كما أتى جدّ أبي وجدّي وأبي فسقاني كما سقاهم ، وأمرني كما أمرهم ، فقمت فرحا مسرورا بعلم اللّه بما وهب لي ، فجامعت فعُلق بابني ، وإنّ نطفة الإمام ممّا أخبرتك فإذا استقرّت في الرحم أربعين ليلة نصب اللّه له عمودا من نور في بطن أُمّه ينظر منه مدّ بصره ، فإذا تمّت له في بطن أُمّه أربعة أشهر أتاه ملك يقال له : « حيوان » وكتب على عضده الأيمن : « وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلاً لاَّ مُبَدِّلَ لِكَلِمَـتِهِى وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ »۱ فإذا وقع من بطن أُمّه وقع واضعا يده على الأرض رافعا رأسه إلى السماء ، فإذا وضع يده إلى الأرض فإنّه يقبض كلّ علم أنزله اللّه من السماء إلى الأرض ، وأمّا رفعه رأسه إلى السماء فإنّ مناديا ينادي من بطنان العرش من قِبل ربّ العزّة من الأُفق الأعلى باسمه واسم أبيه يقول : يا فلان ، اثبت ثبّتك اللّه ، فلعظيم ما خلقك أنت صفوتي من خلقي ، وموضع سرّي ، وعيبة علمي لك ولمن تولاّك أوجبت رحمتي وأسكنت جنّتي ، وأحللت جواري ، ثمّ وعزّتي لاصلينّ من عاداك أشدّ عذابي ، وأن أوسعت عليهم من سعة رزقي ، فإذا انقضى صوت المنادي أجابه الوصيّ : « شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُو لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلَـلـءِكَةُ وَأُوْلُواْ الْعِلْمِ قَآلـءِمَام بِالْقِسْطِ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ »۲ إلى آخرها ، فإذا قالها أعطاه اللّه علم الأوّل وعلم الآخر ، واستوجب زيادة الروح في ليلة القدر . قلت : جُعلت فداك ! أليس الروح جبرئيل ؟ فقال : جبرئيل من الملائكة والروح خَلْقٌ أعظم من الملائكة ، أليس اللّه يقول : « تَنَزَّلُ الْمَلَـلـءِكَةُ وَ الرُّوحُ »۳ . ۴

۲.المحاسن :أحمد بن أبي عبداللّه البرقي ، عن الوشّاء ، عن عليّ بن أبي حمزة ،

1.سورة الأنعام ( ۶ ) ، الآية ۱۱۵ .

2.سورة آل عمران ( ۳ ) ، الآية ۱۸ .

3.سورة القدر ( ۹۷ ) ، الآية ۴ .

4.بصائر الدرجات ، ص۴۶۲ ؛ بحار الأنوار ، ج۴۸ ، ص۲ ( تاريخ الإمام موسى بن جعفر عليه السلام ، باب ولادته وتاريخه وجمل أحواله ، ح۲ ) .

  • نام منبع :
    مسند ابي بصير ج1
    المجلدات :
    2
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1425 ق / 1383 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 78638
الصفحه من 610
طباعه  ارسل الي