تَغافُل ؛ لأنّ الإنسان لا يتغافل إلاّ عن شيء قد عرفه ففطن له . ۱
واعلم أنّ الساعات تذهب عمرك ، وإنّك لا تنال نعمة إلاّ بفراق اُخرى ، فإيّاك والأمل الطويل ، فكم من مؤمِّلٍ أملاً لا يبلغه ، ولجامع مال لا يأكله ، ومانع مال سوف يتركه ، ولعلّه من باطل جمعه ، ومن حقّ منعه ، أصابه حراما ، وورثه عدوا احتمل اِصرَهُ ، وباءَ بِوِزْرِه . « ذَ لِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ »۲ . ۳
(ومن وصيّة له عليه السلام)
(أيضا لابنه محمّد الباقر عليه السلام في النّهي عن مصاحبة الأحمق)
۰.قال : إيّاك يا بنيّ أن تُصاحب الأحمق أو تخالطه! واهجره ولا تحادثُه ، فإن الأحمق هَجْنةٌ ۴ عيّابٌ ۵ غائبا كان أو حاضرا ، إن تكلّم فضحه حمقه ، وإن سكت فقرَّ به عنه ، وإن عمل أفسد ، وإن استرعى أضاع ، لا علمه من نفسه يغنيه ، ولا علم غيره ينفعه ، ولا يطيع ناصحه ، ولا يستريح مقارنه ، تودّ أُمّه لو أنّها ثكلته ، وامرأته أنها فقدته ، وجاره بعد داره ، وجليسه الوحدة من مجالسته ، إن كان أصغر مَن في المجلس ، أغنى من فوقه ، وإن كان أكبرهم أفسدهم من دونه . ۶
أقول : ويجيء في الباب الثالث من هذا الكتاب حديثه مع ابنه عليه السلام ، يحذّره من المصاحبة بأشخاص ، منهم الأحمق .
1.قال الحافظ : لم يجعل لغير الفطنة نصيبا من الخير ، ولا حظّا من الصلاح : لأنّ الإنسان لا يتغافل عن شيء إلاّ وقد عرفه وفطن له . قال الشاعر :
ليس الغبيّ بسيّد في قومهلكنّ سيّد قومه المُتَغابي
2.الحج : ۱۱ .
3.كفاية الأثر ، ص۲۳۹ ، عنه في مستدرك الوسائل ، ج۹ ، ص۳۷ ، ح۱۰۱۳۹.
4.«الهَجْنة» : القبيح وما يعيبه الإنسان ، و«العبّن» ـ بتشديد النون ـ : الغليظ الخشن .
5.في نسخة : «عَبّنٌ» ، والعيّاب والعيّابة والعيبة : الكثير العيب للنّاس .
6.الأمالي، الطوسي، ص۶۱۳، ح۱۲۶۸ ؛ وسائل الشيعة ، ج۱۲،ص۳۴، ح۱۵۵۶۹، بحار الأنوار ، ج۷۴، ص۱۹۸.