115
بلاغة الامام علي بن الحسين (ع)

ما لك لا تنتبه من نعستك! وتستقيل من عثرتك فتقول : «واللّه ما قمت للّه مقاما واحدا أحييت به له دينا ، أو أمتّ له فيه باطلاً» ، فهذا شكرك لمن استحملك! ما أخوفني أن تكون كمن قال اللّه في كتابه : « أَضَاعُواْ الصَّلَوةَ وَ اتَّبَعُواْ الشَّهَوَ تِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا »۱ استحملك كتابه! واستودعك علمه فاضعتها! فنحمد اللّه الّذي عافانا ممّا ابتلاك به ، والسلام . ۲

(كتابه عليه السلام)

(لرجل بعدما كتب إليه : يا سيّدي أخبرني بخير الدنيا والآخرة)

۰.بسم اللّه الرحمن الرحيم ، أمّا بعد ، فإنّه مَن طلب رضا اللّه بسخط الناس ، كفاه اللّه أُمور الناس ، ومَن طلب رضا الناس بسخط اللّه ، وَكَلهُ إلى الناس ، والسلام . ۳
قلت : وروي هذا عن أبيه أبي الشهداء الحسين عليه السلام كما في بلاغة الحسين عليه السلام ، ص 104 ، عن البحار .

(كتابه عليه السلام)

(إلى عبد الملك بن مروان جوابا)

۰.وذلك أنّ أُمّ زين العابدين عليه السلام زوّجها ۴ بعد أبيه بزيد مولى أبيه ، وأعتق جارية

1.مريم : ۵۹ .

2.تحف العقول ، ص۲۷۴ ؛ عنه بحار الأنوار ، ج۷۸ ، ص۱۳۲.

3.الاختصاص ، ص۲۲۵ للمفيد ، روضة الواعظين ، ص۴۴۳ ؛ بحار الأنوار ، ج۷۱ ، ص۲۰۸ . ناسخ التواريخ ، ج ۱ ، ص ۲۷۸ من أحواله عليه السلام ، ط قم ، عن الأمالي ، وقريب من هذا الكلام كلام جده النبيّ صلى الله عليه و آله أ نّه قال : من انقطع إلى اللّه ، كفاه اللّه كلّ مؤنة ، ومن انقطع إلى الدنيا ، وَكَلهُ اللّه إليها ، ومن أراد أن يرزقه اللّه من حيث لا يحتسب فليتوكّل على اللّه . إرشاد القلوب ، ج ۱ ، ص ۱۶ .

4.لما صدرت الطبعة الاُولى من الكتاب ، ثارت جماعة من فضلاء أهل العلم وغيرهم ، مع عدم علمهم بالحديث والتأريخ حول هذه الكلمة . ومادروا أنّ أُمه عليه السلامماتت في نفاسها ، فسلّمه أبوه الإمام الحسين عليه السلام إلى أُمّ ولد له ، وكان عليه السلاميدعوها بالأم ، والعبارة تقصد هذا ، كما يذكر المؤرخون . وكما جاء في عيون أخبار الرضا عليه السلام ، ص ۲۷ ، ط قديم ، عن أبي الحسن الرضا عليه السلام أنه قال للنوشجاني : إنّ أُمّ عليّ بن الحسين ماتت في نفاسها به ، فكفّله بعض أُمّهات ولد أبيه ، فسماها النّاس أُمه ، وإنما هي مولاته ، وزعموا «زوّج أُمّه» ، ومعاذ اللّه من ذلك ، وإنما زوّج هذه . والسبب في إقدام الأُم على زواجها يذكره الصدوق في نفس المصدر المتقدم فراجع .


بلاغة الامام علي بن الحسين (ع)
114

في كتابه : « وَ ذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ »۱ . أغفلت ذكر من مضى من أسنانك وأقرانك ، وبقيت بعدهم كَقَرنٍ أعْضَبٍ . اُنظر هل ابتلوا بمثل ما ابتليت ، أم هل وقعوا في مثل ما وقعت فيه ، أم هل تراهم ذكرت خيرا أهملوه ، وعلمت شيئا جهلوه ، بل حظّيت بما حلّ من حالك في صدور العامة ، وكلّفهم بك ، إذ صاروا يقتدون برأيك ، ويعملون بأمرك ، إن أحللت أحلّوا ، وإن حَرّمت حَرّموا ، وليس ذلك عندك ، ولكن أظهرهم عليك رغبتهم فيما لديك ، ذهاب علمائهم ، وغلبة الجهل عليك وعليهم ، وحبّ الرئاسة ، وطلب الدنيا منك ومنهم ، أما ترى ما أنت فيه من الجهل والغِرّة ، وما النّاس فيه من البلاء والفتنة ، قد ابتليتهم وفتنتهم بالشغل عن مكاسبهم ممّا رأوا ، فتاقت نفوسهم إلى أن يبلغوا من العلم ما بلغت ، أو يدركوا به مثل الّذي أدركت ، فوقعوا منك في بحر لا يُدرك عُمقه ، وفي بلاءٍ لا يقدر قَدرَهُ ، فاللّه لنا ولك ، وهو المُستعان .
أمّا بعد ، فاعرض عن كلّما فيه أنت ، حتّى تلحق بالصالحين ، الّذين دُفنوا في أسمالهم ۲ ، لاصقة بطونهم بظهورهم ، ليس بينهم وبين اللّه حجاب ، ولا تفتنهم الدنيا ، ولا يفتنون بها ، رغبوا فطلبوا ، فما لبثوا أن لحقوا ، فإذا كانت الدنيا تبلغ من مِثلك هذا المبلغ مع كبر سنّك،ورسوخ عملك ۳ ،وحضور أجلك ،فكيف يسلم الحدث في سنّه؟! الجاهل في علمه،المأفون في رأيه، المدخول في عقله، إنا للّه وإنا إليه راجعون، على مَن المعوَّل به؟وعند مَن المُستَعْتَبُ؟نشكو إلى اللّه بثّنا ۴ وما نرى فيك، ونحتسب عند اللّه مصيبتنا بك! فانظر كيف شكرك لمن غذّاك بنعمه صغيرا وكبيرا، وكيف أعظامك لمن جعلك بدينه في الناس جميلاً ؟ وكيف صيانتك لكسوة من جعلك بكسوته في الناس ستيرا؟ وكيف قربك أو بعدك ممّن أمَرَكَ أن تكون منه قريبا ذليلاً ؟

1.الذاريات : ۵۵ .

2.«السمل» : الثوب الخلق البالي ، جمعه أسمال .

3.في نسخةٍ : «عقلك» .

4.«البثّ» : أشد الحزن .

  • نام منبع :
    بلاغة الامام علي بن الحسين (ع)
    المساعدون :
    الحائری، جعفر عباس
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1425 ق / 1383 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 246250
الصفحه من 336
طباعه  ارسل الي