121
بلاغة الامام علي بن الحسين (ع)

7 . وأمّا حقّ يديك :

۰.فألاّ تبسطها إلى ما لا يحلّ لك ، فَتَنال بما تَبْسُطها إليه من اللّه العقوبة في الآجل ، ومن الناس بلسان اللاّئمة في العاجل ، ولا تقبضها عمّا افترض اللّه عليها ، ولكن توقّرها بقبضها عن كثير ممّا لا يحلّ لها ، وبسطها إلى كثير ممّا ليس عليها ، فإذا هي قد عقلت وشَرَّفْت في العاجل ، وجب لها حسن الثّواب من اللّه في الآجل .

8 . وأمّا حقّ بطنك :

۰.فألاّ تجعله وعاءً لقليل من الحرام ولا لكثير ، وأن تقتصد له في الحلال ، ولا تخرجه من حدّ التقوية إلى حدّ التهوين ، وذهاب المُروءة ، وضبطه إذا همَّ بالجوع والظّمأ ، فإنّ الشّبع المُنتهي بصاحبه إلى التُّخم مُكْسِلةٌ ومُثْبِطةٌ ومُقَطّعَةٌ عن كل برٍّ وكرم ، وإنّ الريَّ المُنتهي بصاحبه إلى السّكر مسخَفةٌ ومجْهلةٌ ، ومُذهِبَةٌ للمُروءة .

9 . وأمّا حقّ فرجك :

۰.فحفظه ممّا لا يحلّ لك ، والاستعانة عليه بغضّ البصر ـ فإنه من أعون الأعوان ـ وكثرة ذكر الموت ، والتهدّد لنفسك باللّه ، والتخويف لها به ، وباللّه العصمة والتّأييد ، ولا حول ولا قوّة إلاّ به .

ثُمَّ حقوق الأفعال

10 . فأمّا حقّ الصّلاة :

۰.فأن تعلم أنّها وفادة إلى اللّه عز و جل ، وإنّك قائم بها بين يدي اللّه ، فإذا علمت ذلك ، كنت خليقا أن تقوم فيها مقام الذليل الراغب الراهب ، والخائف الراجي ، المسكين المتضرّع ، المعظّم من قام بين يديه بالسكون والإطراق ، وخشوع الأطراف ، ولين الجناح ، وحسن المناجاة له في نفسه ، والرغبة ۱ إليه في فكاك رقبتك الّتي أحاطت بها خطيئتك ، واستهلكتها ذنوبك ، ولا قوّة إلاّ باللّه .

1.في بعض المصادر «الطلب» بدل «الرغبة» .


بلاغة الامام علي بن الحسين (ع)
120

2 . وأمّا حقّ نفسك عليك :

۰.فأن تستوفيها في طاعة اللّه عز و جل ، فتؤدّي إلى لسانك حقّه ، وإلى سمعك حقّه ، وإلى بصرك حقّه ، وإلى يدك حقّها ، وإلى رجلك حقّها ، وإلى بطنك حقّه ، وإلى فرجك حقّه ، وتستعين باللّه على ذلك .

3 . وأمّا حقّ اللّسان :

۰.فإكرامه عن الخنا ۱ ، وتعويده على الخير ، وحمله على الأدب ، و إجمامه ۲ إلاّ لموضع الحاجة ، والمنفعة للدين والدنيا ، وإعفائه عن الفضول الشنعة ، القليلة الفائدة ، الّتي لا يؤمن ضررها مع قلّة عائدتها ، وَيُعدُّ شاهد العقل ، والدليل عليه ، وَتَزيّنُ العاقل بعقله حسنُ سيرته في لسانه ، ولا قوّة إلاّ باللّه العليّ العظيم .

4 . وأمّا حقّ السمع :

۰.فتنزيهه عن أن تجعله طريقا إلى قلبك ، إلاّ لفوهة كريمة ۳ تحدث في قلبك خيرا ، أو تكسبك خُلقا كريما ، فإنّه باب الكلام إلى القلب ، يُؤدّي إليه ضروب المعاني على ما فيها من خير أو شرّ ، ولا قوّة إلاّ باللّه .

5 . وأمّا حقّ بصرك :

۰.فغضّه عمّا لا يحلُّ لك ، وترك ابتذاله إلاّ لموضع عبرة تستقبل بها بصرا ، أو تستفيد بها علما ، فإنّ البصر باب الاعتبار .

6 . وأمّا حقّ رجليك :

۰.فألاّ تمشي بهما إلى ما لا يحلّ لك ، ولا تجعلهما مطيّتك في الطريق المستخفّة بأهلها فيها ، فإنّها حاملتك وسالكة بك مسلك الدين ، والسبق لك ، ولا قوّة إلاّ باللّه .

1.«الخَنْا» : الفحش في الكلام .

2.«الإجمام» : الرّاحة ، من إجمام الفرس ، إذا تُرك فلم يُركب والمراد هنا حبس اللّسان عن الكلام . (لسان العرب ، ج ۱۲ ، ص ۱۰۷) .

3.فاه يفوه فوها ، بكذا نطق به .

  • نام منبع :
    بلاغة الامام علي بن الحسين (ع)
    المساعدون :
    الحائری، جعفر عباس
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1425 ق / 1383 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 246226
الصفحه من 336
طباعه  ارسل الي