139
بلاغة الامام علي بن الحسين (ع)

على معصية اللّه ، ولا عُدّة للظلم لخلق اللّه ، ولا تدع نصرته على عدّوه ، والنصيحة له ، فأن أطاع اللّه تعالى ، وإلاّ فليكن اللّه أكرم عليك منه ، ولا قوّة إلاّ باللّه .
26 . وأمّا حقّ مولاك المُنعم عليك فأن تعلم أنّه أنفق فيك ماله ، وأخرجك من ذلّ الرق ووحشته إلى عزّ الحرّية وأُنسها ، فأطلقك من أسر الملكة ، وفكّ عنك قيد العبوديّة ، وأخرجك من السجن ، وملّكك نفسك ، وفرّغك لعبادة ربك ، وتعلم أنّه أولى الخلق بك في حياتك ومماتك ، وأن نصرته عليك واجبة بنفسك وما أحتاج إليه منك ، ولا قوّة إلاّ باللّه .
27 . وأمّا حقّ مولاك الّذي أنعمت عليه فأن تعلم أنّ اللّه عز و جل جعل عتقك له وسيلة إليه ، وحجابا لك من النار ، وأنّ ثوابك في العاجل ميراثه ، إذا لم يكن له رحم مكافأةً بما أنفقت من مالك ، وفي الآجل الجنّة .
28 . وأمّا حقّ ذي المعروف عليك فأن تشكره وتذكر معروفه ، وتكسبه المقالة الحسنة ، وتخلص له الدعاء فيما بينك وبين اللّه عز و جل ، فإذا فعلت ذلك كنت قد شكرته سرّا وعلانية ، ثُمَّ إن قدرت على مكافأته يوما كافيته .
29 . وأمّا حقّ المؤذن فأن تعلم أنّه مذكِّر لك بربّك عز و جل ، وداع لك إلى حظّك ، وعونك على قضاء فرض اللّه عليك ، فاشكره على ذلك شكرك للمحسن إليك .
30 . وأمّا حقّ إمامك في صلاتك فأن تعلم أنّه قد تقلد السفارة فيما بينك وبين ربّك عز و جل ، وتكلّم عنك ولم تتكلّم عنه ، ودعا لك ولم تدع له ، وكفاك هول المقام بين يدي اللّه عز و جل ، فإن كان نقص كان به دونك ، وإن كان تماما كنت شريكه ، ولم يكن له عليك فضل ، فوقى نفسك بنفسه ، وصلاتك بصلاته ، فتشكّر له على قدر ذلك .
31 . وأمّا حقّ جليسك فأن تلين له جانبك ، وتنصفه في مجاراة اللفظ ، ولا تقوم من مجلسك إلاّ بإذنه ، ومن يجلس إليك يجوز له القيام عنك بغير إذنك ، وتنسى زلاّته ، وتحفظ خيراته ، ولا تسمعه إلاّ خيرا .
32 . وأمّا حقّ جارك ، فحفظه غائبا ، وإكرامه شاهدا ، ونصرته إذا كان مظلوما ،


بلاغة الامام علي بن الحسين (ع)
138

من القلوب محلّك .
20 . وأمّا حقّ الزوجة فأن تعلم أنّ اللّه عز و جل جعلها لك سكنا واُنسا ، فتعلم أنّ ذلك نعمة من اللّه عز و جل عليك ، فتكرمها وترفق بها ، وإن كان حقّك عليها أوجب ، فإنّ لها عليك أن ترحمها ؛ لأنّها أسيرك ، وتطعمها وتسقيها وتكسوها ، فإذا جهلتْ عَفَوتَ عنها .
21 . وأمّا حقّ مملوكك فأن تعلم أنّه خلق ربّك ، وابن أبيك وأُمّك ، ومن لحمك ودمك لم تملكه ؛ لأنّك ما صنعته دون اللّه ، ولا خلقت شيئا من جوارحه ، ولا أخرجت له رزقا ، ولكن اللّه عز و جل كفاك ذلك ، ثُمَّ سخّره لك وائتمنك عليه ، واستودعك إيّاه ، ليحفظ لك ما تأتيه من خير إليه ، فأحسن إليه كما أحسن اللّه إليك ، وإن كرهته استبدلت به ، ولم تعذّب خلق اللّه عز و جل ، ولا قوّة إلاّ باللّه .
22 . وأمّا حقّ اُمّك فأن تعلم أنّها حملتك حيث لا يحتمل أحدٌ أحدا ، وأعطتك من ثمرة قلبها ما لا يعطي أحدٌ أحدا ، ووقَتك بجميع جوارحها ، ولم تبالِ أن تجوع وتطعمك ، وتعطش وتسقيك ، وتعرى وتكسوك ، وتضحى وتظلّك ، وتهجر النوم لأجلك ، ووقَتك الحرّ والبرد لتكون لها ، فإنّك لا تطيق شكرها إلاّ بعون اللّه تعالى وتوفيقه .
23 . وأمّا حقّ أبيك فأن تعلم أنّه أصلك ، وأنّك لولاه لم تكن ، فمهما رأيت في نفسك ممّا يعجبك ، فاعلم أنّ أباك أصل النعمة عليك فيه ، فاحمد اللّه واشكره على قدر ذلك ، ولا قوّة إلاّ باللّه .
24 . وأمّا حقّ ولدك فأن تعلم أنّه منك ، ومُضاف إليك في عاجل الدنيا بخيره وشرّه ، وأنّك مسؤول عمّا ولّيته به من حُسن الأدب ، والدلالة على ربّه عز و جل ، والمعونة له على طاعته ، فاعمل في أمره ، عمل مَن يعمل أنه مُثاب على الإحسان إليه ، معاقب على الاساءة إليه .
25 . وأمّا حقّ أخيك فأن تعلم أنّه يدك وعزّك وقوّتك ، فلا تتّخذه سلاحا

  • نام منبع :
    بلاغة الامام علي بن الحسين (ع)
    المساعدون :
    الحائری، جعفر عباس
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1425 ق / 1383 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 246210
الصفحه من 336
طباعه  ارسل الي