243
بلاغة الامام علي بن الحسين (ع)

وأمّا الصوم الّذي صاحبه فيه بالخيار : فصوم يوم الجمعة ۱ ، والخميس ، وصوم البيض ، وصوم ستة أيام من شوال بعد شهر رمضان ، وصوم يوم عرفة وصوم يوم عاشوراء . فكل ذلك صاحبه فيه بالخيار ، إن شاء صام ، وإن شاء أفطر .
وأمّا صوم الإذن ، فالمرأة لا تصوم تطوّعا إلاّ بإذن زوجها ، والعبد لا يصوم تطوّعا إلاّ بإذن مولاه ، والضيف لا يصوم تطوّعا إلاّ بإذن صاحبه ، قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله : مَن نزل على قومٍ ، فلا يصوم تطوّعا إلاّ بإذنهم .
وأمّا صوم التأديب ، فأن يُؤخذ الصبيّ إذا راهق ۲ بالصوم تأديبا . وليس بفرض ، وكذلك المسافر إذا أكل من أوّل النهار ، ثُمَّ قدم أهله ، أمر بالإمساك بقيّة يومه ، وليس بفرض . ۳
وأما صوم الإباحة لمن أكل أو شرب ناسيا ، أو قاء ۴ من غير تعمّد ، فقد أباح اللّه له ذلك وأَجْزأ عنه صومه .
وأمّا صوم السفر والمرض ، فإنّ العامّة قد اختلفت في ذلك . فقال قوم : إن شاء صام ، وإن شاء أفطر .
وأما نحن فنقول : يفطر في الحالين جميعا ، فإن صام في السفر ، أو في حال المرض ، فعليه القضاء ، فإن اللّه عز و جل يقول : « فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ »۵ ، فهذا تفسير الصيام . ۶

۳۳۸.ولمّا دخل الكميت عليه عليه السلام ، فقال له :إنّي مدحتك بما أرجو أن يكون لي

1.وزاد في كتاب من لا يحضره الفقيه ، ج ۲ ، ص ۴۳ : «يوم الإثنين» .

2.أي إذا قارب بالاحتلام .

3.وفي التهذيب ، ج ۱ ، ص ۳۰۳ : وكذلك الحائض إذا طهرت أمسكت بقية أيّامها .

4.في نسخة : «أو تقيّأ» .

5.البقرة : ۱۸۴.

6.الكافي ، ج ۴ ، ص ۸۴ ـ ۸۷ ؛ كتاب من لا يحضره الفقيه ، ج۲ ، ص ۷۷ ـ ۸۱ ؛ الخصال ، ص ۵۳۴ ؛ تهذيب الأحكام ، ج ۴ ، ص ۲۹۴ ـ ۲۹۷ ؛ بحار الأنوار ، ج ۹۳ ، ص ۲۵۹ ـ ۲۶۲.


بلاغة الامام علي بن الحسين (ع)
242

ثُمَّ يُكال ذلك البِرّ صواعا ، فيصوم لكلّ نصف صاع يوما .
وصوم النذر واجب ، وصوم الاعتكاف واجب ، وأمّا نحن فنقول : يفطر في الحالين جميعا ، فإن صام في السفر أو في حال المرض ـ فهو عاصٍ ـ ، فعليه القضاء ، فإنّ اللّه عز و جل يقول : فمن كان منكم مريضا فعدّة من أيّام أُخر .
وأمّا الصوم الحرام ، فصوم يوم الفطر ويوم الأضحى ، وثلاثة أيام من أيام التشريق ، وصوم يوم الشك ، أُمرنا به ونُهينا عنه ، اُمرنا به أن نصوم مع صيام شعبان ، ونُهينا عنه أن ينفرد الرجل بصيامه في اليوم الّذي يشك فيه النّاس .
فقلت له : ـ جعلت فداك! ـ فإن لم يكن صام من شعبان شيئا كيف يصنع؟ قال : ينوي ليلة الشكّ إنّه صام من شعبان ، فإن كان من شهر رمضان أجزَأ عنه ، وإن كان من شعبان لم يضرّه .
فقلت : وكيف يجزئ صوم تطوّع عن فريضة؟
فقال : لو أنّ رجلاً صام يوما من شهر رمضان تطوّعا ، وهو لا يعلم أنّه من شهر رمضان ، ثُمَّ علم بعد ذلك ، لأَجْزَأ عنه ؛ لأنّ الفرض إنّما وقع على اليوم بعينه .
وصوم الوصال ۱ حرام ، وصوم الصمت حرام ، وصوم نذر المعصية حرام ، وصوم الدهر حرام .

1.قوله «صوم الوصال» : ذهب الشيخ في النهاية وأكثر الأصحاب إلى أنّ صوم الوصال هو أن ينوي صوم وليلة إلى السحر . وذهب الشيخ في الاقتصاد وابن إدريس إلى أنّ معناه أن يصوم يومين مع ليلة بينهما ، وإنّما يحرم تأخير العشاء إلى السحر إذا نوى كونه جزءا من الصوم ، أمّا لو أخّره الصائم بغير نيّة ؛ فإنّه لا يحرم فيها ، قطع به الأصحاب ، والاحتياط يقتضي إجتناب ذلك . وأمّا صوم الصّمت : فهو أن ينوي الصوم ساكتا ، وقد أجمع الأصحاب على تحريمه . وصوم الدهر حرمته إمّا لاشتماله على الأيام المحرّمة ، إن كان المراد كل السنة ، وإن كان المراد ما سوى الأيام المحرمة ، فلعله إنّما يحرم إذا صام على اعتقاد أنّه سنّة مؤكدة ، فإنّه يقتضي الافتراء على اللّه ، ويمكن حمله على الكرهة أو التقية ، لاشتهار الخبر بهذا المضمون بين العامة . قال الجزري في النهاية : وفي الحديث أنّه سُئل عمّن يصوم الدهر ؟ فقال : «لا صام ولا أفطر» ، أي لم يصم ولم يفطر ، كقوله تعالى : « لاَ صَدَّقَ وَ لاَ صَلَّى » (القيامة ، الآية ۳۱) ، وهو إحباط الأجرة على صومه ، حيث خالف السنّة . (مرآة العقول ، ج ۱۶ ، ص ۲۴۳)

  • نام منبع :
    بلاغة الامام علي بن الحسين (ع)
    المساعدون :
    الحائری، جعفر عباس
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1425 ق / 1383 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 246254
الصفحه من 336
طباعه  ارسل الي