31
بلاغة الامام علي بن الحسين (ع)

الخوف من العبادة ، وينظر إليهم الناظر فيقول : «مرضى»! وما بالقوم من مرض! أم خولطوا فقد خالط القوم أمر عظيم من ذكر العذاب وما فيها . ۱

(ومن كلام له عليه السلام)

(يصف فيه المؤمنين والمنافقين)

۰.قال : إنّ المنافقَ ينهى ولا يَنتهي ، ويأمر ولا يأتي ، إذا قام إلى الصلاة اعترض ، وإذا ركع رَبضَ ۲ ، وإذا سجد نَقَر ۳ ، يمسي وهمّه العشاء ولم يصم ، ويصبح وهمّه النوم ولم يسهر .
والمؤمن خَلَطَ عمله بحلمه ، يجلس ليعلم ، وينصت ليسلم ، لا يحدث بالأمانة للأصدقاء ، ولا يكتم الشهادة للبُعداء ، ولا يعمل شيئا من الحق رياءً ، ولا يتركه حياءً ، إن زكّى خاف ممّا يقولون ، واستغفر اللّه لما لا يعلمون ، ولا يضرّهُ جهل من جهله . ۴
وفي رواية اُخرى قال عليه السلام : إن المنافق ينهى ولا ينتهي ، ويأمر بما لا يأتي ، وإذا قام إلى الصلاة اعترض .
قيل له : يا بن رسول اللّه ، وما الاعتراض؟
قال : الالتفات ، وإذا ركع رَبَض ، يمسي وهمّه العشاء وهو مفطر ، ويصبح

1.الكافي ، ج۲ ، ص۱۳۱ ، رواه ابن شعبة بأدنى تفاوت في تحف العقول ، ص۲۸۱ ؛ رواه المجلسي عن الكليني في بحار الأنوار ، ج۷۰ ، ص۴۳ .

2.«رَبَضَ» : بفتح الباء ، مأوى الغنم ، وكل ما يُؤوى إليه ويُستراح إليه.

3.«نقر» : بفتح النون ، أي خفف السجود ، وفي رواية اُخرى بعدها : وإذا جَلس شغر ، أي أقعى كإقعاء الكلب ، وقيل غيره . اُنظر الكافي ، ج۲ ص ۳۹۶ .

4.تحف العقول ، ص۲۸۰ ؛ ورواه الكليني في الكافي ، ج۲ ، ص۳۹۶ مع اختلافٍ ، ورواه الصدوق في الأمالي ، ص۵۸۲ بتقديم وتأخير مع زيادةٍ ؛ رواه عن الأمالي في بحار الأنوار ، ج۶۹ ، ص۲۰۵.


بلاغة الامام علي بن الحسين (ع)
30

« لِيَجْزِىَ الَّذِينَ ءَامَنُواْ »۱ « وَ يَجْزِىَ الَّذِينَ أَحْسَنُواْ بِالْحُسْنَى »۲ . ۳

(ومن كلام له عليه السلام)

(في إدبار الدنيا ، وإقبال الآخرة)

۰.قال : إنّ الدنيا قد ارتحلت مدبرة ، وإنّ الآخرة قد ارتحلت مقبلة ، ولكلّ واحدة منهما بنون ، فكونوا من أبناء الآخرة ، ولا تكونوا من أبناء الدنيا ، ألا وكونوا من الزاهدين في الدنيا ، الراغبين في الآخرة ، ألا إنّ الزاهدين في الدنيا ، اتّخذوا الأرض بساطا ، والتراب فراشا ، والماء طيبا ، وقَرَّضُوا ۴ من الدنيا تقريضا ألا ومن اشتاق إلى الجنّة ، سلا من الشهوات ، ومن أشفق من النّار ، رجع من المحرّمات ، ومن زهد في الدنيا ، هانت عليه المصائب .
ألا إنّ للّه عبادا كمن رأى أهل الجنّة في الجنّة مخلّدين ، وكمن رأى أهل النار في النار معذّبين ، شرورهم مأمونة ، وقلوبهم محزونة ، أنفسهم عفيفة ، وحوائجهم خفيفة ، صبروا أياما قليلة ، فصاروا بعقبى راحة طويلة ، أما الليل فصافّون أقدامهم ، تجري دموعهم على خدودهم ، وهم يجأرون إلى ربّهم ۵ ، يسعون في فكاك رقابهم ، وأما النهار فحلماء ۶ علماء ، بررة أتقياء ، كأنّهم القِداح ۷ ، قد بَراهُم

1.يونس : ۴ .

2.النجم : ۳۱ . والخطبة مذكورة في ناسخ التواريخ ، ج ۱ ، ص ۴۸۴ ، من أحواله عليه السلامنقلاً عن نور العين للأسفرائيني (قرن ۱۰ ق) ؛ ولمعات الأفكار ، مخطوط للواعظ الكبير المرحوم الشيخ نظرعلي الحائري بزيادة .

3.انظر نور العين في مشهد الحسين عليه السلام ، ص۶۹ .

4.«وقرّضوا من الدنيا تقريضا» : أي أخذوا من الدنيا بقدر الكفاف .

5.أي : يرفعون صوتهم بالدعاء .

6.في نسخةٍ : «فحكماء» .

7.مفرده «القدح» ؛ السهم قبل أن يُنصل ويُراش ، ومنه قول الرسول الأعظم صلى الله عليه و آله : لو أنّ امرءا كان أقوم من قدح ، لكان له غامزا ، و«براهم» : برى يبرى بريا ، السهم والقلم نحّته ، الشخص هزّله وَأضْعَفه .

  • نام منبع :
    بلاغة الامام علي بن الحسين (ع)
    المساعدون :
    الحائری، جعفر عباس
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1425 ق / 1383 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 246246
الصفحه من 336
طباعه  ارسل الي