49
بلاغة الامام علي بن الحسين (ع)

(ومن كلام له عليه السلام)

(كلّم به عبد الملك بن مروان )

۰.حين دخل عليه ، فاستعظم ما رأى من أثر السجود بين عَيني عليّ بن الحسين عليه السلامفقال : «يا أبا محمّد ، لقد بيّن عليك الاجتهاد ، ولقد سبق لك من اللّه الحسنى ، وأنت بَضعة من رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، قريب النسب ، وَكيد السبب ، وإنّك لذو فضلٍ عظيم على أهل بيتك وذوي عصرك ، ولقد أوتيت من الفضل والعلم والدّين والورع ما لم يؤته أحد مثلك ولا قبلك ، إلاّ من مضى من سلفك» ، وأقبل يُثني عليه ويُطريه ۱ .
فقال عليّ بن الحسين عليه السلام : كلّما وصفته وذكرته من فضل اللّه سبحانه وتأييده وتوفيقه ، فأين شكره على ما أنعم ؟ يا أمير المؤمنين ، كان رسول اللّه صلى الله عليه و آله يقف في الصلاة حتّى تَرِم قدماه ، ويظمأ في الصيام حتّى يَعْصبَ ۲
فُوْه ، فقيل له : يا رسول اللّه ، أ لم يغفر لك ما تقدّم من ذنبك وما تأخّر؟ فيقول صلى الله عليه و آله : أفلا أكون عبدا شكورا ! الحمد للّه على ما أولى وأبلى ، وله الحمد في الآخرة والأُولى ، واللّه لو تقطّعت أعضائي ، وسالت مُقلتاي على صدري ، أن أقوم للّه جلّ جلاله ، لم أشكر ۳ عُشْر العشير من نعمة واحدة من جميع نعمه الّتي لا يحصيها العادّون ، ولا يبلغ حدّ نعمة منها على جميع حمد الحامدين ، لا واللّه أو يراني اللّه لا يشغلني شيء عن شكره وذكره في ليل ولا نهار ، ولا سرّ ولا علانية ، ولولا أنّ لأهلي عليَّ حقّا ، ولسائر الناس من خاصّهم وعامّهم عليَّ حقوقا ـ لا يسعني إلاّ القيام بها حسب الوسع والطاقة، حتّى أُؤدّيها إليهم ـ لرميت بطرفي إلى السماء، وبقلبي إلى اللّه ، ثُمَّ

1.«يطريه» : يمدحه .

2.«ورم ـ يرم» بالكسر : أي انتفخت من طول قيامه . «العصب» : جفاف الريق في الفم .

3.في نسخة : لم يشكر .


بلاغة الامام علي بن الحسين (ع)
48

(ومن كلام له عليه السلام)

(لمّا سأله رجل من قريش : كيف الدعوة إلى الدين؟)

۰.فقال عليه السلام : تقول : بسم اللّه الرحمن الرحيم ، أدعوك إلى اللّه تعالى ، وإلى دينه ، وجُماعُه أمران ؛ أحدهما معرفة اللّه ، والآخر العمل برضوانه ، وأنّ معرفة اللّه أن تعرفه بالوحدانيّة ، والرأفة والرحمة ، والعلم والقدرة ، والعلوّ على كلّ شيء ، وأنّه النافع الضارّ القاهر لكلّ شيء ، الّذي لا تدركه الأبصار ، وهو اللطيف الخبير .
وإنّ محمّد ا عبده ورسوله ، أنّ ما جاء به هو الحق من عند اللّه تعالى ، وما سواهما هو الباطل ، فإذا أجابوا إلى ذلك ، فلهم ما للمسلمين ، وعليهم ما على المسلمين . ۱

(ومن كلام له عليه السلام)

(يحرّض شيعته على قضاء الحاجة واصطناع المعروف)

۰.قال عليه السلام : معاشر شيعتنا ، أَمّا الجنة فلن تفوتكم ، سريعا كان أو بطيئا ، ولكن تنافسوا في الدرجات ، واعلموا أنّ أرفعكم درجات ، وأحسنكم قصورا ودورا وأبنية فيها ، أحسنكم إيجابا بإيجاب المؤمنين ۲ ، وأكثركم مؤاساة لفقرائهم .
إنّ اللّه ليقرّب الواحد منكم إلى الجنة بكلمة طيّبة ، يكلّم أخاه المؤمن الفقير بأكثر من مسيرة مئة عام بقدمه ۳ ، وإن كان من المعذّبين بالنار ، فلا تحتقروا الإحسان إلى إخوانكم ، فسوف ينفعكم ، حيث لا يقوم مقام ذلك شيء غيره . ۴

1.الكافي ، ج۵ ، ص۳۶ ؛ تهذيب الأحكام ، ج۶ ، ص۱۴۱ ، ح۲۳۹ ؛ وسائل الشيعة ، ج۱۵ ، ص۴۴ .

2.في بعض المصادر : «لإخوانه المؤمنين» .

3.في بعض المصادر : «مئة ألف سنة نقدمه» .

4.تفسير الإمام العسكري ، ص۲۰۴ ؛ عنه بحار الأنوار ، ج۷۴ ، ص۳۰۸ ؛ تفسير البرهان ، ج۱ ، ص۶۹ .

  • نام منبع :
    بلاغة الامام علي بن الحسين (ع)
    المساعدون :
    الحائری، جعفر عباس
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1425 ق / 1383 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 313841
الصفحه من 336
طباعه  ارسل الي