المناظرة - الصفحه 6

خَرَجَ إلَى النّاس في ثَوبَينِ مُمَغَّرَينِ‏۱ وأقبَلَ علَى النّاس كأ نّهُ فِلقَةُ قَمَرٍ ، فقالَ :
الحَمدُ للَّهِ مُحَيِّثِ الحَيثِ‏۲ ومُكَيِّفِ الكَيفِ ومُؤيِّنِ الأينِ‏۳ الحَمدُ للَّهِ الّذي (لا تَأخُذُهُ سِنَةٌ ولا نَوْمٌ لَهُ ما في السَّماواتِ وما فِي الأرْضِ...)۴ إلى‏ آخرِ الآيةِ ، وأشهَدُ أن لا إلهَ إلّا اللَّهُ (وَحدَهُ لا شَريكَ لَهُ) ، وأشهَدُ أنّ مُحمّداً صلى اللَّه عليه وآله عَبدُهُ ورَسولُهُ اجتَباهُ وهَداهُ إلى‏ صِراطٍ مُستَقيمٍ ، الحَمدُ للَّهِ الّذي أكَرَمَنا بِنُبُوَّتِهِ واختَصَّنا بوَلايَتِهِ . يا مَعشَرَ أبناءِ المُهاجِرينَ و الأنصارِ مَن كانَت عِندَهُ مَنقَبَةٌ في عليِّ بنِ أبي طالبٍ عليه السلام فلْيَقُمْ ولْيَتَحَدَّثْ.
قالَ : فقامَ النّاسُ فسَرَدوا۵ تِلكَ المَناقِبَ - فقالَ عبدُ اللَّهِ : أنا أروى‏ لهذهِ المَناقِبِ مِن هؤلاءِ، وإنّما أحدَثَ عليٌّ الكُفرَ بعدَ تَحكيمِهِ الحَكمَينِ - حتَّى انتَهَوا في المَناقِبِ إلى‏ حديثِ خَيبَرَ «لَاُعطِيَنَّ الرّايَةَ غَداً رجُلاً يُحِبُّ اللَّهَ ورَسولَهُ ويُحِبُّهُ اللَّهُ ورَسولُهُ كَرّاراً غيرَ فَرّارٍ ، لا يَرجِعُ حتّى‏ يَفتَحَ اللَّهُ على‏ يَدَيهِ»، فقالَ أبو جعفرٍ عليه السلام : ما تَقولُ في هذا الحديثِ ؟ ! فقالَ : هُو حَقٌّ لا شَكَّ فيهِ ولكنْ أحدَثَ الكُفرَ بَعدُ .
فقالَ لهُ أبو جعفرٍ عليه السلام : ثكَلَتكَ اُمُّكَ! أخبِرْني عنِ اللَّه عَزَّوجلَّ أحَبَّ عليَّ بنَ أبي طالبٍ يَومَ أحَبَّهُ وهُو يَعلَمُ أ نَّهُ يَقتُلُ أهلَ النَّهرَوانِ أم لَم يَعلَمْ ؟ قالَ ابنُ نافِعٍ : أعِدْ علَيَّ ، فقالَ لَهُ أبو جعفرٍ عليه السلام : أخبِرْني عَن اللَّهِ جلَّ ذِكرُهُ أحَبَّ علَيَّ بنَ أبي طالبٍ يَومَ أحَبَّهُ وهُو يَعلَمُ أ نَّهُ يَقتُلُ أهلَ النَّهرَوانِ أم لَم يَعلَمْ ؟ قالَ : إن قُلتَ : لا ، كَفَرتَ. قالَ : فقالَ : قد عَلِمَ ، قالَ : فأحَبَّهُ اللَّهُ على‏

1.قال الفيروزآباديّ : المَغْرَة - ويحرّك - : طين أحمر ، والمُمَغَّر - كمُعظَّم - : المصبوغ بها (القاموس المحيط : ۲ / ۱۳۵) .

2.الحَيثُ : المكان (مجمع البحرين : ۱ / ۴۷۸) .

3.أي موجد الدهر والزمان فإنّ الأين يكون بمعنى الزمان ، يقال: آنَ أينُك أي حانَ حَينُك ، ذكره الجوهريّ . ويحتمل أن يكون بمعنَى المكان لها تأكيداً للأوّل ، أو بأن يكون حيث للزمان ، قال ابن هشام : قال الأخفش : وقد ترِد حيث للزمان ، ويحتمل أن يكون حيث تعليليّة ؛ أي هو علّة العلل وجاعل العلل عللاً ( كما في هامش المصدر ).

4.البقرة : ۲۵۵ .

5.سَرَدَ : فلان يسرد الحديث سرداً إذا كان جيّد السياق له (الصحاح : ۲ / ۴۸۷) .

الصفحه من 8