الإنفاق - الصفحه 6

والمخمصة العامّة التي لا تبقي ولا تذر .
وأمّا الوجوه الماليّة المتعلّقة بالنفوس أو الضياع والعقار أو الأموال التجاريّة عند حصول شرائط أو في أحوال خاصّة كالعُشر المأخوذ في الثغور ونحو ذلك ؛ فإنّ الإسلام لا يرى ذلك بل يعدّه نوعاً من الغصب وظلماً يوجب تحديداً في حرّيّة المالك في ملكه.
ففي الحقيقة لا يأخذ المجتمع من الفرد إلّا مال نفسه الذي يتعلّق بالغنيمة والفائدة عند أوّل حدوثه ويشارك الفرد في ملكه على نحو يبيّنه الفقه الإسلاميّ مشروحاً ، وأمّا إذا انعقد الملك واستقرّ لمالكه فلا اعتراض لمعترض على‏ مالك في حال أو عند شرط ، يوجب قصور يده وزوال حرّيّته .
وثانياً : أنّ الإسلام يعتبر حال الأفراد في الأموال الخاصّة بالمجتمع ، كما يعتبر حال المجتمع بل الغلبة فيما يظهر من نظره لحالهم على‏ حاله ، فإنّه يجعل السهام في الزكاة ثمانية لا يختص بسبيل اللَّه منها إلّا سهم واحد وباقي السهام للأفراد كالفقراء والمساكين والعاملين والمؤلّفة قلوبهم وغيرهم ، وفي الخمس ستّة لم يجعل للَّه سبحانه إلّا سهم واحد والباقي للرسول ولذي القربى واليتامى‏ والمساكين وابن السبيل .
وذلك أنّ الفرد هو العنصر الوحيد لتكوّن المجتمع ، ورفع اختلاف الطبقات الذي هو من اُصول برنامج الإسلام ، وإلقاء التعادل والتوازن بين قوَى المجتمع المختلفة ، وتثبيت الاعتدال في مسيره بأركانه وأجزائه ، لا يتمّ إلّا بإصلاح حال الأجزاء - أعني الأفراد - وتقريب أحوالهم بعضهم من بعض .
وأمّا قصر مال المجتمع في صرفه في إيجاد الشوكة العامّة والتزيينات المشتركة ورفع القصور المشيّدة العالية والأبنية الرفيعة الفاخرة ، وتخلية

الصفحه من 14