الأنفال - الصفحه 5

الحكم الوارد فيها بالمورد ؛ فإنّ المورد لا يخصِّص ، فإطلاق حكم الآية بالنسبة إلى‏ كلّ ما يسمّى‏ بالنفل في محلّه ، وهي تدلّ على‏ أنّ الأنفال جميعاً للَّه ولرسوله ، لا يشارك اللَّه ورسوله فيها أحد من المؤمنين سواء في ذلك الغنيمة والفي‏ء .
ثمّ الظاهر من قوله تعالى‏ : (قُلِ الأنْفالُ للَّهِ‏ِ والرَّسُولِ) وما يعظهم اللَّه به بعد هذه الجملة ويحرّضهم علَى الإيمان - هو أنّ اللَّه سبحانه فصل الخصومة بتشريع ملكها لنفسه ولرسوله ونزعها من أيديهم ، وهو يستدعي أن يكون تخاصمهم من جهة دعوى‏ طائفة منهم أنّ الأنفال لها خاصّة دون غيرها ، أو أنّها تختصّ بشي‏ء منها ، وإنكار الطائفة الاُخرى‏ ذلك ، ففصل اللَّه سبحانه خصومتهم فيها بسلب ملكهم منها وإثبات ملك نفسه ورسوله ، وموعظتهم أن يكفّوا عن المخاصمة والمشاجرة . وأمّا قول من يقول : إنّ الغزاة يملكون ما أخذوه من الغنيمة بالإجماع فأحرى‏ به أن يورد في الفقه دون التفسير .
وبالجملة : فنزاعهم في الأنفال يكشف عن سابق عهد لهم بأنّ الغنيمة لهم أو ما في معناه، غير أنّه كان حكماً مجملاً اختلف فيه المتخاصمان وكلٌ‏يجرّ النار إلى‏ قرصته، والآيات الكريمة تؤيّد ذلك.
توضيحه : أنّ ارتباط الآيات في السورة والتصريح بقصّة وقعة بدر فيهايكشف أنّ السورة بأجمعها نزلت حول وقعة بدر وبُعيدَها ؛ حتّى‏ أنّ ابن عبّاس - على‏ ما نقل عنه - كان يسمّيها سورة بدر . والتي تتعرّض لأمر الغنيمة من آياتها خمس آيات في مواضع ثلاثة من السورة ، هي بحسب ترتيب السورة : قوله تعالى : (يَسْألونَكَ عَنِ الأنْفالِ قُلِ الأنْفالُ للَّهِ‏ِ والرَّسُولِ ...) الآية ، وقوله تعالى‏ : (واعْلَمُوا أنَّ ما غَنِمْتُم مِن شَي‏ءٍ فأنّ للَّهِ‏ِ خُمُسَهُ ولِلرَّسولِ ولِذِي القُرْبى‏ واليَتامى‏ والمَساكِينِ وابنِ السَّبيلِ إنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ باللَّهِ

الصفحه من 10