الأنفال - الصفحه 6

وَما أنْزَلْنا على‏ عَبدِنا يَومَ الفُرْقانِ يَومَ التَقَى الجَمْعانِ واللَّهُ على‏ كُلِّ شَي‏ءٍ قَديرٌ)1 ، وقوله تعالى‏ : (ما كانَ لِنَبيٍّ أنْ يَكونَ لَهُ أسْرَى‏ حَتّى‏ يُثْخِنَ في الأرضِ تُريدونَ عَرَضَ الدُّنيا واللَّهُ يُريدُ الآخِرَةَ واللَّهُ عَزيزٌ حَكيمٌ * لَولا كِتابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فيما أخَذْتُمْ عَذابٌ عَظيمٌ * فَكُلوا مِمّا غَنِمْتُمْ حَلالاً طَيِّباً واتَّقوا اللَّهَ إنّ اللَّهَ غفورٌ رَحيمٌ)2 .
وسياق الآية الثانية يفيد أنّها نزلت بعد الآية الاُولى‏ والآيات الأخيرة جميعاً ؛ لمكان قوله فيها : (إنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ باللَّهِ وما أنْزَلْنا على‏ عَبْدِنا يَومَ الفُرْقانِ يَومَ التَقَى الجَمْعانِ) فهي نازلة بعد الوقعة بزمان .
ثمّ الآيات الأخيرة تدلّ على‏ أنّهم كلّموا رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله في أمر الأسرى‏ وسألوه أن لا يقتلهم ويأخذ الفدية ، وفيها عتابهم على‏ ذلك ، ثمّ تجويز أن يأكلوا ممّا غنموا ، وكأنّهم فهموا من ذلك أنّهم يملكون الغنائم والأنفال على‏ إبهام في أمره : هل يملكه جميع من حضر الوقعة أو بعضهم كالمقاتلين دون القاعدين مثلاً ؟ وهل يملكون ذلك بالسويّة فيقسّم بينهم كذلك ، أو يختلفون فيه بالزيادة والنقيصة كأن يكون سهم الفرسان منها أزيد من المشاة ؟ أو نحو ذلك .
وكان ذلك سبب التخاصم بينهم ، فتشاجروا في الأمر ورفعوا ذلك إلى‏ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله ، فنزلت الآية الاُولى‏ : (قُلِ الأنْفالُ للَّهِ‏ِ والرَّسُولِ فاتَّقوا اللَّهَ وأصْلِحوا ذاتَ بَينِكُم ...) الآية ، فخطّأتهم الآية فيما زعموا أنّهم مالكو الأنفال بما استفادوا من قوله : (فَكُلوا مِمّا غَنِمْتُمْ...) الآية ، وأقرّت ملك الأنفال للَّه والرسول ونهتهم عن التخاصم والتشاجر ، فلمّا انقطع بذلك تخاصمهم أرجعها النبيّ صلى اللَّه عليه وآله إليهم ، وقسّمها بينهم بالسويّة ، وعزل السهم لعدّة من أصحابه لم يحضروا الوقعة ، ولم يقدّم مقاتلاً على‏ قاعد ، ولا فارساً على‏ ماشٍ ، ثمّ نزلت الآية الثانية : (واعْلَموا

1.الأنفال : ۴۱ .

2.الأنفال : ۶۷ - ۶۹ .

الصفحه من 10