الهجرة - الصفحه 4

ليردّوهم إليهم ، وكان عمرو وعمارة متعاديَين ، فقالت قريش : كيف نبعث رجلَين متعاديَين ؟! فبرئت بنو مخزوم من جناية عمارة وبرئت بنو سهم من جناية عمرو بن العاص ، فخرج عمارة وكان حسن الوجه شابّاً مترفاً فأخرج عمرو بن العاص أهله معه ، فلمّا ركبوا السفينة شربوا الخمر ، فقال عمارة لعمرو بن العاص ، قل لأهلك تقبّلني ، فقال عمرو : أيجوز هذا؟! سبحان اللَّه ! فسكت عمارة ، فلمّا انتشى‏۱ عمرو وكان على‏ صدر السفينة ، دفعه عمارة وألقاه في البحر فتشبّث عمرو بصدر السفينة وأدركوه فأخرجوه ، فوردوا علَى النجاشيّ وقد كانوا حملوا إليه هدايا فقبلها منهم ، فقال عمرو بن العاص أيّها الملك ، إنّ قوماً منّا خالفونا في ديننا وسبّوا آلهتنا وصاروا إليك فردّهم الينا . فبعث النجاشيّ إلى‏ جعفر فجاؤوا به ، فقال : يا جعفر ، ما يقول هؤلاء ؟ فقال جعفر : أيّها الملك ، وما يقولون ؟ قال : يسألون أن أردّكم اليهم . قال : أيّها الملك ، سلهم : أعبيد نحن لهم ؟ فقال عمرو ، لا بل أحرار كرام . قال : فسلهم ألَهُم علينا ديون يطالبوننا بها ؟ قال : لا ، ما لنا عليكم ديون . قال : فلكم في أعناقنا دماء تطالبوننا بها ؟ قال عمرو : لا ، قال : فما تريدون منّا ؟ آذيتمونا فخرجنا من بلادكم . فقال عمرو بن العاص : أيّها الملك ، خالَفونا في ديننا وسبّوا آلهتنا وأفسدوا شبابنا وفرّقوا جماعتنا ، فرُدّهم إلينا لتجمع أمرنا ، فقال جعفر : نعم أيّها الملك، خالفناهم بأنّه بعث اللَّه فينا نبيّاً أمر بخلع الأنداد ، وترك الاستقسام بالأزلام ، وأمرنا بالصلاة والزكاة ، وحرّم الظلم والجور وسفك الدماء بغير حقّها والزناء والربا والميتة والدم ، وأمرنا بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى‏ ، وينهى‏ عن الفحشاء والمنكر والبغي. فقال النجاشيّ: بهذا بعث اللَّه عيسَى بن مريم عليه السلام، ثم قال النجاشيّ: يا جعفر ، هل تحفظ ممّا

1.أي سَكِر (كما في هامش المصدر).

الصفحه من 18