الإرث - الصفحه 10

فِي الدِّينِ ومَوالِيكُم)1 .
ثمّ أخرج الوصيّة من تحت عنوان الإرث وأفردها عنواناً مستقلّاً يعطى‏ به ويؤخذ ، وإن كانوا يسمّون التملّك من جهة الإيصاء إرثاً . وليس ذلك مجرّد اختلاف في التسمية ؛ فإنّ لكلّ من الوصيّة والإرث مِلاكاً آخر وأصلاً فطريّاً مستقلّاً ، فملاك الإرث هو الرَّحم ولانفوذ لإرادة المتوفّى‏ فيها أصلاً ، ومِلاك الوصيّة نفوذ إرادة المتوفّى‏ بعد وفاته (وإن شئت قل : حينمايوصي) فيما يملكه في حياته واحترام مشيّته ، فلو اُدخلت الوصيّة في الإرث لم يكن ذلك إلّا مجرّد تسمية .
وأمّا ما كان يسمّيها الناس كالروم القديم مثلاً إرثاً فلم يكن لاعتبارهم في سنّة الإرث أحد الأمرَين : إمّا الرحم وإمّا احترام إرادة الميّت ، بل حقيقة الأمر أ نّهم كانوا يبنون الإرث علَى احترام الإرادة وهي إرادة الميّت بقاءَ المال الموروث في البيت الذي كان فيه تحت يد رئيس البيت وربّه ، أو إرادته انتقاله بعد الموت إلى‏ من يحبّه الميّت ويشفق عليه ، فكان الإرث على‏ أيّ حال يبتني علَى احترام الإرادة . ولو كان مبتنياً على‏ أصل الرحم واشتراك الدم لَرُزق من المال كثير من المحرومين منه ، وحُرم كثير من المرزوقين .
ثمّ إنّه بعد ذلك عمد إلَى الإرث ، وعنده في ذلك أصلان جوهريّان :
أصل الرَّحم ، وهو العنصر المشترك بين الإنسان وأقربائه لا يختلف فيه الذكور والإناث والكبار والصغار حتَّى الأجنّة في بطون اُمّهاتهم وإن كان مختلف الأثر في التقدّم والتأخّر، ومنع البعض للبعض من جهة قوّته وضعفه بِالقرب من الإنسان والبعد منه وانتفاء الوسائط وتحقّقها قليلاً أو كثيراً كالولد والأخ والعمّ . وهذا الأصل يقضي باستحقاق أصل الإرث مع حفظ الطبقات المتقدّمة والمتأخّرة .

1.الأحزاب : ۴ ، ۵ .

الصفحه من 18