الإرث - الصفحه 13

استظهرت في ظهورها واستقرارها بِالسنّة الإسلاميّة في الإرث ، فكم بين موقف الإسلام عند تشريع إرث النساء في الدنيا وبين موقفهنّ من الفرق ؟!
فقد كان الإسلام يظهر أمراً ماكانت الدنيا تعرفه ولاقرعت أسماع الناس بمثله ، ولاذكرته أخلاف عن أسلافهم الماضين وآبائهم الأوّلين ، وأمّا هذه القوانين فإنّها اُبديت وكلّف بها اُمم حينما كانت استقرّت سنّة الإسلام في الإرث بين الاُمم الإسلاميّة في معظم المعمورة بين مئات الملايين من الناس ، توارثها الأخلاف من أسلافهم في أكثر من عشرة قرون . ومن البديهيّات في أبحاث النفس أنّ وقوع أمر من الاُمور في الخارج ثمّ ثبوتها واستقرارها نِعم العون في وقوع مايشابهها . وكلّ سنّة سابقة من السنن الإجتماعيّة مادّة فكريّة للسنن اللاحقة المجانسة ، بل الاُولى هي المادّة المتحوّلة إلَى الثانية ، فليس لباحث اجتماعيّ أن ينكر استظهار القوانين الجديدة في الإرث بما تقدّمها من الإرث الإسلاميّ وتحوّله إليها تحوّلاً عادلاً أو جائراً .
فمن أغرب الكلام ما ربّما يقال - قاتل اللَّه عصبيّة الجاهليّة الاُولى‏ - : إنّ القوانين الحديثة إنّما استفادت في موادّها من قانون الروم القديمة ! وأنت قد عرفت ما كانت عليه سنّة الروم القديمة في الإرث ، وماقدّمته السنّة الإسلاميّة إلَى المجتمع البشريّ ، وأنّ السنّة الإسلاميّة متوسّطة في الظهور والجريان العمليّ بين القوانين الروميّة القديمة وبين القوانين الغربيّة الحديثة ، وكانت متعرّفة متعمّقة في مجتمع الملايين ومئات الملايين من النفوس الإنسانيّة قروناً متوالية متطاولة ، ومن المحال أن تبقى سدىً وعلى‏ جانب من التأثير في أفكار هؤلاء المقنّنين .
وأغرب منه أنّ هؤلاء القائلين يذكرون أنّ الإرث الإسلامي مأخوذ من الإرث الروميّ القديم !

الصفحه من 18