العشيرة ، وتارةً رئيس البيت ، وتارة اُخرى أشجع القوم وأشدّهم بأساً ، وكان ذلك يوجب طبعاً تغيّر سنّة الإرث تغيّراً جوهريّاً .
ولكون هذه السنن الجارية لا تضمن ما تقترحه الفطرة الإنسانيّة من السعادة المقترحة كان يسرع إليها التغيّر والتبدّل ، حتّى إنّ الملل المتمدّنة التي كان يحكم بينهم القوانين أو ما يجري مجراها من السنن المعتادة المِلّيّة كان شأنهم ذلك كالروم واليونان ، وما عمّر قانون من قوانين الإرث الدائرة بين الاُمم حتَّى اليوم مثل ما عمّرت سنّة الإرث الإسلاميّة ؛ فقد حكمت في الاُمم الإسلاميّة منذ أوّل ظهورها إلَى اليوم ما يقرب من أربعة عشر قرناً .
3 - الوراثة بين الاُمم المتمدّنة :
من خواصّ الروم أ نّهم كانوا يرَون للبيت في نفسه استقلالاً مدنيّاً يفصله عن المجتمع العامّ ، ويصونه عن نفوذ الحكومة العامّة في جلّ مايرتبط بأفراده من الحقوق الاجتماعيّة ، فكان يستقلّ في الأمر والنهي والجزاء والسياسة ونحو ذلك .
وكان ربّ البيت هو معبوداً لأهله من زوجة وأولاد وعبيد ؛ وكان هو المالك من بينهم ولا يملك دونه أحد مادام أحدَ أفراد البيت ؛ وكان هو الوليّ عليهم القيّم بأمرهم باختياره المطلق النافذ فيهم ؛ وكان هو يعبد ربّ البيت السابق من أسلافه .
وإذا كان هناك مال يرثه البيت - كما إذا مات بعض الأبناء فيما ملكه بإذن ربّ البيت اكتساباً ، أو بعض البنات فيما ملكته بالازدواج صَداقاً وأذِن لها ربّ البيت أو بعض الأقارب - فإنّما كان يرثه ربّ البيت ؛ لأ نّه مقتضى ربوبيّته وملكه المطلق للبيت وأهله .
وإذا مات ربّ البيت فإنّما كان يرثه أحد أبنائه أو إخوانه ممّن في وسعه