الإرث - الصفحه 7

ذلك وورثه الأبناء ، فإن انفصلوا وأسّسوا بيوتاً جديدة كانوا أربابها ، وإن بقوا في بيتهم القديم كان نسبتهم إلَى الربّ الجديد (أخيهم مثلاً) هي النسبة السابقة إلى‏ أبيهم ؛ من الورود تحت قيمومته و ولايته المطلقة.
وكذا كان يرثه الأدعياء ؛ لأنّ الادّعاء والتبنّي كان دائراً عندهم كما بين العرب في الجاهليّة .
وأمّا النساء كالزوجة والبنت والاُمّ فلم يكنّ يرثن؛ لئلّا ينتقل مال البيت بانتقالهنّ إلى‏ بيوت اُخرى بالازدواج ، فإنّهم ما كانوا يرون جواز انتقال الثروة من بيت إلى‏ آخر ، وهذا هو الذي ربّما ذكره بعضهم فقال : إنّهم كانوا يقولون بِالمِلكيّة الاشتراكيّة الاجتماعيّة دون الانفراديّة الفرديّة . وأظنّ أنّ مأخذه شي‏ء آخر غير المِلك الاشتراكيّ ؛ فإنّ الأقوام الهمجيّة المتوحّشة أيضاً من أقدم الأزمنة كانوا يمتنعون من مشاركة غيرهم من الطوائف البدويّة فيما حازوه من المراعي والأراضي الخصبة وحمَوه لأنفسهم ، وكانوا يحاربون عليه ويدفعون عن محميّاتهم . وهذا نوع من المِلك العامّ الاجتماعيّ الذي مالكه هيئة المجتمع الإنسانيّ دون أفراده ، وهو مع ذلك لا ينفي أن يملك كلّ فرد من المجتمع شيئاً من هذا الملك العامّ اختصاصاً .
وهذا ملك صحيح الاعتبار ، غير أ نّهم ما كانوا يحسنون تعديل أمره والاستدرار منه ، وقد احترمه الإسلام كما ذكرناه فيما تقدّم ، قال تعالى‏ : (خَلَقَ لَكُمْ ما في الأرْضِ جَميعاً)۱ ، فالمجتمع الإنسانيّ - وهو المجتمع الإسلاميّ ومن هو تحت ذمّته - هو المالك لثروة الأرض بهذا المعنى‏ ، ثمّ المجتمع الإسلاميّ هو المالك لما في يده من الثروة ، ولذلك لا يرَى الإسلام إرث الكافر من المسلم . ولهذا النظر آثار ونماذج في بعض الملل الحاضرة ؛ حيث لايرون جواز تملّك الأجانب شيئاً من الأراضي والأموال

1.البقرة : ۲۹ .

الصفحه من 18