البَيضاءِ۱ لَيلُها مِن نَهارِها، لَم يُظهِرْ فيهِم بِدعَةً ولَم يُبَدِّلْ فيهِم سُنَّةً ، لا خِلافَ عِندَهُم ولا اختِلافَ ، فلَمّا غَشِيَ النّاسَ ظُلمَةُ خَطاياهُم صارُوا إمامَينِ : داعٍ إلَى اللَّهِ تباركَ وتعالى وداعٍ إلَى النّارِ ، فعِندَ ذلكَ نَطقَ الشَّيطانُ فعَلا صَوتُهُ على لِسانِ أوليائهِ ، وكَثُرَ خَيلُهُ ورَجِلُهُ۲، وشارَكَ في المالِ والوَلَدِ مَن أشرَكَهُ فعَمِلَ بِالبِدعَةِ وتَركَ الكِتابَ والسُّنَّةَ ، ونَطقَ أولياءُ اللَّهِ بِالحُجَّةِ وأخَذوا بِالكِتابِ والحِكمَةِ ، فتَفَرَّقَ مِن ذلكَ اليَومِ أهلُ الحَقِّ وأهلُ الباطِلِ ، وتَخاذَلَ۳ وتَهادَنَ أهلُ الهُدى ، وتَعاوَنَ أهلُ الضَّلالَةِ؛ حَتّى كانَتِ الجَماعَةُ مَع فُلانٍ وأشباهِهِ ، فاعرِفْ هذا الصِّنفَ .
وصِنفٌ آخَرُ فأبصِرْهُم رَأيَ العَينِ نُجَباءَ۴والزَمْهُم حتّى تَرِدَ أهلَكَ ؛ فإنَّ الخاسِرينَ الّذينَ خَسِروا أنفُسَهُم وأهلِيهِم يَومَ القِيامَةِ ، ألا ذلكَ هُو الخُسرانُ المُبينُ .
«قالَ الشيخُ الكُلينيُّ قدّس سرّه: إلى هاهُنا روايةُ الحسينِ ، وفي روايةِ محمّدِ بن يحيى زِيادَةُ» :
لَهُم عِلمٌ بِالطَّريقِ ، فإن كانَ دُونَهُم بَلاءٌ فلا تَنظُرْ إلَيهِم ، فإن كانَ دُونَهُم۵ عَسفٌ مِن أهلِ العَسفِ وخَسفٌ۶، ودُونَهُم بَلايا تَنقَضي ، ثُمَّ تَصيرُ إلى رَخاءٍ . ثُمّ اعلَمْ أنّ إخوانَ الثِّقَةِ ذَخائرُ بَعضُهُم لبَعضٍ ، ولَولا أن تَذهَبَ بِكَ الظُّنونُ عَنّي۷ لَجَلَّيتُ لَكَ عَن أشياءَ مِن الحَقِّ غَطَّيتُها ، ولَنَشَرتُ لَكَ أشياءَ
1.وصف الشريعة بكونها بيضاء تنبيهاً على كرمها وفضلها (مجمع البحرين : ۱/۲۰۸) .
2.الخيل : الفرسان ، والرَّجِل : جمع راجل ؛ خلاف الفارس (الصحاح : ۴/۱۶۹۱ و ص ۱۷۰۵) ؛ أي أعوانه القويّة والضعيفة . (كما في هامش المصدر).
3.الخَذل : ترك الإعانة والنصرة (لسان العرب : ۱۱/۲۰۲) . وفي بعض النسخ «تخادن» من الخِدن وهو الصديق . وتهادن من المهادنة بمعنَى المصالحة ، وفي بعض النسخ «تهاون» أي عن نصرة الحقّ ، وهذا أنسب بالتخاذل ، كما أنّ التهادن أنسب بالتخادن . (كما في هامش المصدر).
4.بالنون والجيم والباء الموحدة ، وفي بعض النسخ «تحيا» من الحياة . (كما في هامش المصدر).
5.في بعض النسخ «إليه فإن دونهم» وهو الصواب ؛ أي فلا ينظرونإلَى البلاء لأنّه ينقضي ولا يبقى. (كما في هامش المصدر).
6.العسف : الجور (النهاية : ۳/۲۳۶ وج ۲/۳۱) . والخسف : النقصان والهوان . وقوله : «ينقضي» جزاء الشرط. (كما في هامش المصدر).
7.أي يصير ظنّك السيّء بي سبباً لانحرافك عنّي وعدم إصغائك إليَّ بعد ذلك . (كما في هامش المصدر).