التقوی - الصفحه 18

أمرُهُ ، حَريزاً دِينُهُ، مَيِّتَةً شَهوَتُهُ ، مَكظوماً غَيظُهُ ، الخَيرُ مِنهُ مَأمولٌ ، والشَّرُّ مِنهُ مَأمونٌ .
إن كانَ في الغافِلينَ كُتِبَ في الذّاكِرينَ وإن كانَ في الذّاكِرينَ ، لَم يُكتَبْ مِن الغافِلينَ ، يَعفُو عَمَّن ظَلَمَهُ ، ويُعطي مَن حَرَمَهُ ، ويَصِلُ مَن قَطَعَهُ ، بَعيداً فُحشُهُ ، لَيِّناً قَولُهُ ، غائباً مُنكَرُهُ ، حاضِراً مَعروفُهُ ، مُقبِلاً خَيرُهُ ، مُدبِراً شَرُّهُ .
في الزَّلازلِ وَقورٌ ، وفي المَكارِهِ صَبورٌ ، وفي الرَّخاءِ شَكورٌ، لا يَحيفُ على‏ مَن يُبغِضُ، ولا يَأثَمُ فِيمَن يُحِبُّ . يَعتَرِفُ بِالحَقِّ قَبلَ أن يُشهَدَ علَيهِ ، لا يُضِيعُ ما استُحفِظَ ، ولا يَنسى‏ ما ذُكِّرَ ، ولا يُنابِزُ بالألقابِ ، ولا يُضارُّ بِالجارِ ، ولا يَشمَتُ بِالمَصائبِ، ولا يَدخُلُ في الباطِلِ ، ولا يَخرُجُ مِن الحَقِّ .
إن صَمَتَ لَم يَغُمَّهُ صَمتُهُ ، وإن ضَحِكَ لَم يَعْلُ صَوتُهُ ، وإن بُغِيَ علَيهِ صَبَرَ حتّى‏ يَكونَ اللَّهُ هُو الّذي يَنتَقِمُ لَهُ . نَفسُهُ مِنهُ في عَناءٍ والنّاسُ مِنهُ في راحَةٍ، أتعَبَ نفسَهُ لآخِرَتِهِ ، وأراحَ النّاسَ مِن نَفسِهِ . بُعدُهُ عَمَّن تَباعَدَ عَنهُ زُهدٌ ونَزاهَةٌ ، ودُنُوُّهُ مِمَّن دَنا مِنهُ لِينٌ ورَحمَةٌ . لَيسَ تَباعُدُهُ بِكِبرٍ وعَظَمَةٍ ، ولا دُنُوُّهُ بِمَكرٍ وخَديعَةٍ .
قالَ : فصَعِقَ هَمّامٌ صَعقَةً كانَت نَفسُهُ فيها .
فقالَ أميرُ المؤمنينَ عليه السلام : أما واللَّهِ لَقد كُنتُ أخافُها علَيهِ ، ثُمّ قالَ : هكذا تَصنَعُ‏المَواعِظُ البالِغَةُ بأهلِها .
فقالَ لَهُ قائلٌ : فما بالُكَ يا أميرَ المؤمنينَ ؟! فقالَ عليه السلام : وَيحَكَ ! إنّ لِكُلِّ أجَلٍ وَقتاً لا يَعدُوهُ وسَبَباً لا يَتَجاوَزُهُ ، فمَهلاً لا تَعُدْ لِمِثلِها ، فإنَّما نَفَثَ الشَّيطانُ على‏ لِسانِكَ .۱

۲۲۴۲۲.الإمامُ الباقرُ عليه السلام : إنّ أهلَ التَّقوى‏ هُمُ الأغنِياءُ ، أغناهُمُ القَليلُ مِن الدُّنيا ، فمَؤونَتُهُم يَسيرَةٌ ، إن نَسِيتَ الخَيرَ ذَكَّروكَ ، وإن عَمِلتَ بهِ أعانُوكَ ، أخَّرُوا شَهَواتِهِم ولَذّاتِهِم خَلفَهُم ، وقَدَّمُوا طاعَةَ رَبِّهِم أمامَهُم ، ونَظَروا إلى‏ سَبيلِ الخَيرِ وإلى‏ وَلايَةِ أحِبّاءِ اللَّهِ فأحَبُّوهُم ، وتَولَّوهُم واتَّبَعُوهُم .۲

1.نهج البلاغة : الخطبة ۱۹۳ .

2.بحار الأنوار : ۷۸/۱۶۶/۲ .

الصفحه من 40