وذلك أ نّك عرفت أنّ الإسلام بِالمعنَى الذي نبحث فيه غاية النوع الإنسانيّ وكماله الذي هو بغريزته متوجّه إليه شعر به تفصيلاً أولم يشعر ، والتجارب القطعيّة الحاصلة في أنواع المكوّنات يدلّ على أ نّها متوجّهة إلى غايات مناسبة لوجوداتها يسوقها إليها نظام الخلقة ، والإنسان غير مستثنىً من هذه الكلّيّة .
على أنّ شيئاً من السنن والطرائق الدائرة في الدنيا الجارية بين المجتمعات الإنسانيّة لم يَتّكِ في حدوثه وبقائه وحكومته على سبق تجربة قاطعة ؛ فهذه شرائع نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ظهرت حينما ظهرت ثمّ جرت بين الناس ، وكذا ما أتى به برهما وبوذا وماني وغيرهم ، وتلك سنن المدنيّة المادّية كالديموقراطيّة والكمونيسم وغيرهما ، كلّ ذلك جرى في المجتمعات الإنسانيّة المختلفة بجرياناتها المختلفة من غير سبق تجربة .
وإنّما تحتاج السنن الاجتماعيّة في ظهورها ورسوخها في المجتمع إلى عزائم قاطعة وهمم عالية من نفوس قويّة لا يأخذها في سبيل البلوغ إلى مآربها عيّ ولا نصب ، ولاتذعن بأنّ الدهر قد لايسمح بِالمراد والمسعى قد يخيب . ولا فرق في ذلك بين الغايات والمآرب الرحمانيّة والشيطانيّة .۱
(انظر) الخاتمة : باب 1003، 1004 .
بحار الأنوار : 70 / 293 / 36 ، 37 .
1.الميزان في تفسير القرآن : ۴/۱۳۱ .