ذاكَ الّذي يَفتَحُ اللَّهُ تعالى ذكرُهُ على يَدَيهِ مَشارِقَ الأرضِ ومَغارِبَها ، ذاكَ الَّذي يَغيبُ عَن شِيعَتِهِ وأوليائهِ غَيبَةً لا يَثبُتُ فيها علَى القَولِ بإمامَتِهِ إلّا مَنِ امتَحَنَ اللَّهُ قَلبَهُ للإيمانِ .
قالَ جابِرٌ : فقلتُ له: يا رسولَ اللَّهِ ، فَهل يَقَعُ لِشيعَتِهِ الانتِفاعُ بهِ في غَيبَتِهِ ؟ فقالَ عليه السلام : إي والّذي بَعَثَني بِالنُّبُوَّةِ ، إنَّهُم يَستَضِيؤونَ بِنورِهِ ويَنتَفِعونَ بوَلايَتِهِ في غَيبَتِهِ كانتِفاعِ النّاسِ بِالشّمسِ وإن تَجَلَّلَها سَحابٌ . يا جابِرُ ، هذا مِن مَكنونِ سَرِّ اللَّهِ ومَخزونِ عِلمِهِ فاكتُمهُ إلّا عَن أهلِهِ .۱
قال العلّامة الطباطبائيّ رضوان اللَّه تعالى عليه في الفصل الثاني عشر من كلام له في المرابطة فيالمجتمع الإسلاميّ ، ما نصّه :
من الذي يتقلّد ولاية المجتمع فيالإسلام؟ وما سيرته ؟
كان ولاية أمر المجتمع الإسلاميّ إلى رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله ، وافتراض طاعته صلى اللَّه عليه وآله علَى الناس واتّباعه صريح القرآن الكريم ، قال تعالى : (وأطِيعوا اللَّهَ وأطِيعوا الرَّسُولَ)۲ ، وقال تعالى : (لِتَحْكُمَ بَيْنَ النّاسِ بما أراكَ اللَّهُ)۳ ، وقالَ تعالى : (النَّبِيُّ أوْلى بالمُؤمِنينَ مِنْ أنْفُسِهِم)۴ ، وقالَ تعالى : (قُلْ إنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فاتَّبِعُوني يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ)۵ إلى غير ذلك من الآيات الكثيرة التي يتضمّن كلّ منها بعض شؤون ولايته العامّة في المجتمع الإسلاميّ أو جميعها .
والوجه الوافي لغرض الباحث في هذا الباب أن يطالع سيرته صلى اللَّه عليه وآله ويمتلئ منه نظراً ، ثمّ يعود إلى مجموع مانزلت من الآيات في الأخلاق والقوانين المشرّعة في الأحكام العباديّة والمعاملات والسياسات وسائر المرابطات والمعاشرات ؛ فإنّ هذا الدليل المتّخَذ بنحو الانتزاع من ذوق التنزيل الإلهيّ له من اللسان الكافي