والبيان الوافي ما لا يوجد في الجملة والجملَتين من الكلام البتّة .
وههنا نكتة اُخرى يجب علَى الباحث الاعتناء بأمرها ، وهو أنّ عامّة الآيات - المتضمّنة لإقامة العبادات والقيام بأمر الجهاد وإجراء الحدود والقصاص وغير ذلك - توجّه خطاباتها إلى عامّة المؤمنين دون النبيّ صلى اللَّه عليه وآله خاصّة ، كقوله تعالى : (وأقِيموا الصَّلاةَ)۱ ، وقوله : (وأنْفِقوا في سَبيلِ اللَّهِ)۲ ، وقوله : (كُتِبَ علَيْكُمُ الصِّيامُ)۳ وقوله : (ولْتَكُن مِنْكُم اُمَّةٌ يَدْعُونَ إلَى الخَيْرِ ويَأمُرونَ بالمَعْروفِ ويَنْهَونَ عَنِ المُنْكَرِ)۴ وقوله : (وجاهِدوا فِي سَبيلِهِ)۵ وقوله : (وجاهِدوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهادِهِ)۶ وقوله : (الزّانِيَةُ والزّانِي فاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما)۷ ، وقوله : (والسّارِقُ والسّارِقَةُ فاقْطَعُوا أيْدِيَهُما)۸ ، وقوله : (ولَكُمْ فِي القِصاصِ حَياةٌ)۹ ، وقوله : (وأقِيمُوا الشَّهادَةَ للَّهِِ)۱۰ ، وقوله : (واعْتَصِمُوا بِحَبلِ اللَّهِ جَميعاً ولا تَفَرَّقوا)۱۱ ، وقوله : (أنْ أقِيموا الدِّينَ ولا تَتَفَرَّقُوا فيهِ)۱۲ ، وقوله : (وما مُحَمَّدٌ إلّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أفإنْ ماتَ أو قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أعْقابِكُمْ وَمن يَنقَلِبْ عَلى عَقِبَيهِ فَلَن يَضُرَّ اللَّهَ شَيئاً وسَيَجْزِي اللَّهُ الشّاكِرينَ)۱۳ إلى غير ذلك من الآيات الكثيرة.
ويستفاد من الجميع أنّ الدِّين صبغة اجتماعيّة حمله اللَّه علَى الناس ولا يرضى لعباده الكفر ، ولم يُرِد إقامته إلّا منهم بأجمعهم ؛ فالمجتمع - المتكوّن منهم - أمره إليهم من غير مزيّة في ذلك لبعضهم ولا اختصاص منه ببعضهم ، والنبيّ ومن دونه في ذلك سواء ، قال تعالى : (أنّي لا اُضِيعُ عَمَلَ عامِلٍ مِنْكُم مِن ذَكَرٍ أو اُنْثى بَعْضُكُم مِنْ بَعْضٍ)۱۴ ، فإطلاق الآية تدلّ على أنّ