التأثير الطبيعيّ الذي لأجزاء المجتمع الإسلاميّ في مجتمعهم مراعى عند اللَّه سبحانه تشريعاً كما راعاه تكويناً وأنّه تعالى لايضيعه ، وقال تعالى : (إنَّ الأرْضَ للَّهِ يُورِثُها مَن يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ والعاقِبَةُ للمُتَّقينَ) .۱
نعم ، لرسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله الدعوة والهداية والتربية ، قال تعالى : (يَتْلُو عَلَيْهِم آياتِهِ ويُزَكِّيهِم ويُعَلِّمُهُمُ الكِتابَ والحِكْمَةَ)۲ ، فهو صلى اللَّه عليه وآله المتعيّن من عند اللَّه للقيام على شأن الاُمّة وولاية اُمورهم في الدنيا والآخرة وللإمامة لهم مادام حيّاً .
لكنّ الذي يجب أن لا يغفل عنه الباحث أنّ هذه الطريقة غير طريقة السلطة الملوكيّة التي تجعل مال اللَّه فيئاً لصاحب العرش ، وعباد اللَّه أرقّاء له يفعل بهم مايشاء ويحكم فيهم ما يريد ، وليست هي من الطرق الاجتماعيّة التي وضعت على أساس التمتّع المادّيّ من الديموقراطيّة وغيرها ؛ فإنّ بينها وبين الإسلام فروقاً بيّنة مانعة من التشابه والتماثل .
ومن أعظمها أنّ هذه المجتمعات لمّا بُنيت على أساس التمتّع المادّيّ نفخت في قالبها روح الاستخدام والاستثمار ، وهو الاستكبار الإنسانيّ الذي يجعل كلّ شيء تحت إرادة الإنسان وعمله حتَّى الإنسان بِالنسبة إلَى الإنسان ، ويبيح له طريق الوصول إليه والتسلّط على ما يهواه ويأمله منه لنفسه . وهذا بعينه هو الاستبداد الملوكيّ في الأعصار السالفة ، وقد ظهرت في زيّ الاجتماع المدنيّ على ماهو نصب أعيننا اليوم من مظالم الملل القويّة وإجحافاتهم وتحكّماتهم بِالنسبة إلَى الاُمم الضعيفة ، وعلى ماهو في ذكرنا من أعمالهم المضبوطة في التواريخ .
فقد كان الواحد من الفراعنة والقياصرة والأكاسرة يُجري في ضعفاء عهده بتحكّمه ولعبه كلّ ما يريده ويهواه ، ويعتذر - لو اعتذر - أنّ ذلك من شؤون السلطنة ولصلاح