المملكة وتحكيم أساس الدولة ، ويعتقد أنّ ذلك حقّ نبوغه وسيادته ، ويستدلّ عليه بسيفه . كذلك إذا تعمّقتَ في المرابطات السياسيّة الدائرة بين أقوياء الاُمم وضعفائهم اليوم وجدت أنّ التاريخ وحوادثه كرّت علينا ولن تزال تكرّ ، غير أنّها أبدلت الشكل السابق الفرديّ بِالشكل الحاضر الاجتماعيّ ، والروح هي الروح والهوى هو الهوى . وأمّا الإسلام فطريقته بريئة من هذه الأهواء ، ودليله السيرة النبويّة في فتوحاته وعهوده .
ومنها : أنّ أقسام الاجتماعات - على ماهو مشهود ومضبوط في تاريخ هذا النوع - لا تخلو عن وجود تفاضل بين أفرادها مؤدٍّ إلَى الفساد ؛ فإنّ اختلاف الطبقات بِالثروة أو الجاه والمقام المؤدّي بالأخرة إلى بروز الفساد في المجتمع من لوازمها ، لكنّ المجتمع الإسلاميّ مجتمع متشابه الأجزاء لا تقدّم فيها للبعض علَى البعض ، ولا تفاضل ولا تفاخر ولا كرامة ، وإنّما التفاوت الذي تستدعيه القريحة الإنسانيّة ولا تسكت عنه إنّما هو في التقوى وأمره إلَى اللَّه سبحانه لا إلَى الناس ، قال تعالى : (يا أيُّها النّاسُ إنّا خَلَقْناكُم مِنْ ذَكَرٍ واُنْثَى وجَعَلْناكُمْ شُعُوباً وقَبائِلَ لِتَعارَفُوا إنّ أكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أتْقاكُمْ)۱ ، وقالَ تعالى : (فاسْتَبِقوا الخَيْراتِ)۲ ؛ فالحاكم والمحكوم والأمير والمأمور والرئيس والمرؤوس والحرّ والعبد والرجل والمرأة والغنيّ والفقير والصغير والكبير في الإسلام في موقف سواء ، من حيث جريان القانون الدينيّ في حقّهم ، ومن حيث انتفاء فواصل الطبقات بينهم في الشؤون الاجتماعيّة ، على ماتدلّ عليه السيرة النبويّة على سائرها السلام والتحيّة .
ومنها : أنّ القوّة المجرية في الإسلام ليست هي طائفة متميّزة في المجتمع بل تعمّ جميع أفراد المجتمع ، فعلى كلّ فرد أن يدعو إلَى الخير