2 . أسباب الاستئثار
تنتهي عملية تحليل ظاهرة الاستئثار وتقصّي جذورها ومعرفة مناشئها بالرُّسوّ على عدد من الأسباب ، تقف تماما في الجهة المقابلة للإيثار . وهذه الأسباب ، هي : 
 أ ـ الاستخفاف بحقوق الناس . 
 ب ـ الاستخفاف بمكارم الأخلاق . 
 ج ـ الابتلاء بالحرص والبخل والشحّ . 
 بيد أنّ هذا القدر في تحليل مناشئ الظاهرة وأسبابها لا يعدّ كافيا ، تماما كما سبق أن ذكرنا ذلك في تحليل مناشئ الإيثار ، إذ ينبغي للتحليل أن يتوغّل أكثر ليكشف هذه المرّة عن مناشئ الحرص ولماذا يميل الإنسان إلى عدم الاهتمام بحقوق الناس ، والاستخفاف بمكارم الأخلاق ؟ 
 إنّ الأصل العميق الذي ترجع إليه جذور ظاهرة الاستئثار وأسبابه ، يتمثّل بالأنانية وغياب الإيمان أو ضعفه ، فإذا عجز الإيمان عن استيعاب الغرور والأنانية الذاتية عند الإنسان ولم ينجح بهضمها وتوجيهها ، فمن الطبيعي أن يتمخّض ذلك عن إنسان أناني مغرور ، لا يعيش إلّا ذاته ولا يفكّر سوى بالاستحواذ على كلّ شيء والانفراد به لنفسه وذويه وقرابته ومن يرتبط به ، وبتعبير الإمام عليّ عليه السلام : 
 مَن مَلَكَ استَأثَرَ. ۱
 هذا التعليل هو الذي يفسّر مآلات التيارات المادّية ومصيرها ، فمهما كانت
                         
                        
                            1.نهج البلاغة : الحكمة ۱۶۰ ، الأمالي للمفيد : ص ۱۸۹ ح ۱۵ ، الأمالي للطوسي : ص ۲۲۹ ح ۴۰۴ كلاهما عن رفاعة بن موسى عن الإمام الصادق عليه السلام ، بحار الأنوار : ج ۱۳ ص ۳۵۷ ح ۶۲ ؛ شُعب الإيمان : ج ۲ ص ۳۱۱ ح ۱۹۱۰ عن أبي وائل وراجع : تحف العقول : ص ۸ والمعجم الكبير : ج ۵ ص ۲۴ ح ۴۴۷۷ .