الاستئثار (تفصیلی) - الصفحه 9

العناوين التي ترفعها هذه التيارات والشعارات التي تلوّح بها في مضمار تأمين الحرّيات وضمان حقوق الناس ، فإنّ المصير الذي تنتهي إليه عند تسلّم السلطة هو الاستئثار والفردية .
على ضوء هذه الحصيلة يمكن القول بأنّ جميع ضروب الاستئثار والفردية التي برزت في التاريخ الإسلامي ممّا كان النبيّ صلى الله عليه و آله قد تنبّأ به وأخبر عن وقوعه ؛ قد اكتسبت في مضمونها هوية مادّية ومنحىً مناهضا للدين ، برغم شعاراتها الدينية وتواريها خلف اسم الدين .

3 . خطر الاستئثار

يعدّ الاستئثار من أخطر الخصال التي تفتك بالقيم وتدمّرها ، فتبعاته المخرّبة لا تقتصر على انحطاط الأخلاق فحسب ، بل تجرّ إلى الفساد الاجتماعي والسياسي ، وبالتالي سقوط الدول وانهيار الحكومات . نقرأ في الحِكَم المنسوبة للإمام عليّ عليه السلام :
الاِستِئثارُ يوجِبُ الحَسَدَ ، وَالحَسَدُ يوجِبُ البِغضَةَ ، والبِغضَةُ توجِبُ الاِختِلافَ ، وَالاِختِلافُ يوجِبُ الفُرقَةَ ، وَالفُرقَةُ توجِبُ الضَّعفَ ، وَالضَّعفُ يوجِبُ الذُّلَّ ، وَالذُّلُّ يوجِبُ زَوالَ الدَّولَةِ وذَهابَ النِّعمَةِ . ۱
تنتهي عملية دراسة تاريخ الإسلام وتحليله على نحو دقيق ، وكذلك تقصّي علل انحطاط الاُمّة الإسلامية وعوامل اُفول نجمها إلى أنّ استئثار عدد من الحكّام وأثَرتهم وفرديتهم ، أدّى إلى إلحاق أضرار ماحقة بحركة هذا الدين وقلّصت من نفوذه وامتداده .

4 . مواجهة الاستئثار

لقد بذل رسول اللّه صلى الله عليه و آله في عهد نبوّته والإمام عليّ عليه السلام أيّام حُكمه ، قصارى

1.راجع : ص ۱۷۸ ح ۹۶.

الصفحه من 32