فَانطَلَقتُ مَعَهُ ، فَدَخَلَ إلى دارِهِ مَعَ المُعَتِّبِ فَنَظَرَ إلى غِلمانِهِ يَعمَلونَ بِالطّينِ أوارِيَ الدَّوابِّ ۱ وغَيرَ ذلِكَ ، وإذا مَعَهُم أسوَدُ لَيسَ مِنهُم . 
 فَقالَ : ما هذَا الرَّجُلُ مَعَكُم؟ 
 فَقالوا : يُعاوِنُنا ونُعطيهِ شَيئا . 
 قالَ : قاطَعتُموهُ عَلى اُجرَتِهِ؟ 
 فَقالوا : لا ، هُوَ يَرضى مِنّا بِما نُعطيهِ . 
 فَأَقبَلَ عَلَيهِم يَضرِبُهُم بِالسَّوطِ وغَضِبَ لِذلِكَ غَضَبا شَديدا . فَقُلتُ : ـ جُعِلتُ فِداكَ! ـ لِمَ تُدخِلُ عَلى نَفسِكَ ۲ ؟ 
 فَقالَ : إنّي قَد نَهيتُهُم عَن مِثلِ هذا غَيرَ مَرَّةٍ أن يَعمَلَ مَعَهُم أحَدٌ حَتّى يُقاطِعوهُ اُجرَتَهُ . وَاعلَم أنَّهُ ما مِن أحَدٍ يَعمَلُ لَكَ شَيئا بِغَيرِ مُقاطَعَةٍ ، ثُمَّ زِدتَهُ لِذلِكَ الشَّيءِ ثَلاثَةَ أضعافٍ عَلى اُجرَتِهِ إلّا ظَنَّ أنَّكَ قَد نَقَصتَهُ اُجرَتَهُ ، وإذا قاطَعتَهُ ثُمَّ أعطَيتَهُ اُجرَتَهُ حَمِدَكَ عَلَى الوَفاءِ ، فَإِن زِدتَهُ حَبَّةً عَرَفَ ذلِكَ لَكَ ورَأى أنَّكَ قَد زِدتَهُ . ۳
5 / 3
التَّجَنُّبُ عَن ظُلمِ الأَجيرِ
  ۱۴۶.رسول اللّه صلى الله عليه و آله :إنَّ اللّهَ عز و جل غافِرُ كُلِّ ذَنبٍ ، إلّا مَن أحدَثَ دينا ، أوِ اغتَصَبَ ۴ أجيرا
                         
                        
                            1.ممّا يضعه الناس في غير موضعه قولهم للمِعلَف : آريٌّ ، وإنّما الآريّ محبِس الدابّة ، والجمع : الأواري يخفّف ويُشدّد (الصحاح : ج ۶ ص ۲۲۶۷ «أرا»).
2.قال العلّامة المجلسي رحمه الله : أي الضرر أو الهمّ أو الغضب (مرآة العقول : ج ۱۹ ص ۳۸۷) .
3.الكافي : ج ۵ ص ۲۸۸ ح ۱ ، تهذيب الأحكام : ج ۷ ص ۲۱۲ ح ۹۳۲ وفيه «المغيّب» بدل «المعتّب» ،بحار الأنوار : ج ۴۹ ص ۱۰۶ ح ۳۴.
4.في المصدر : «أغصب» ، والتصويب من بحار الأنوار .