الأسرة (تفصیلی) - الصفحه 4

ولا يمكن ذكر كلام أسمى من ذلك في بيان قدسية الأُسرة، حيث يشير إلى أنّ منظومة الأُسرة تمثّل البنية التحتية والأساس لجميع المنظومات الهامّة في الإسلام.
وتكمن حكمة القدسية الّتي أولاها الإسلام للأُسرة في إضفاء القيمة المعنوية على الرابطة الأُسرية، إعداد الأرضية لتعزيز هذه الرابطة والحيلولة دون انهيارها.
وتعدّ قدسية الأُسرة ، سدّاً منيعاً أمام استغلال المرأة جنسياً باعتبارها بضاعة أو وسيلة لبيع البضائع، وهو يحول في الحقيقة دون الاستعباد الجديد للمرأة .

تجريد الأُسرة من قدسيتها

يتمثّل الخطر الّذي يهدّد البشرية في العصر الحاضر في محاولة تجريد الأُسرة من قدسيتها، فالقوى الاستكبارية والاستثمارية الّتي ترى في قدسية الأُسرة عقبة رئيسة أمام مطامعها ومطالبها غير المشروعة، تسعى بكلّ جهد لإيجاد الأرضية الثقافية المناسبة لتجريد الأُسرة عن قدسيتها.
إنّ السعي من أجل الاعتراف بالأُسر المثلية ۱ والأزواج الذين يعيشون تحت سقفٍ واحد ۲ والأُسرة المشتركة والمشاعة ۳ ، وكذلك السعي من أجل إعداد الأرضية

1.اعترفت بعض البلدان الغربية في الوقت الحاضر وعدد من الولايات الأمريكية بزواج المثيلين (راجع : إسلام وجامعه شناسي خانواده «بالفارسية»: ص ۶۴) .

2.الزوجان اللذان يعيشان تحت سقفٍ واحد هما الرجل والمرأة اللذان يعيشان في بيتٍ واحد وتربطهما العلاقات الجنسية، ولكن لا يربطهما عقد زواج، ومثل هؤلاء الأزواج الذين يكثر عددهم في أمريكا وأوروبا وأستراليا واليابان، يسعون لأن يتمّ الاعتراف بهم رسمياً (راجع : جامعه شناسي، آنتوني غيدنز: ص ۴۵۲ وما بعدها) .

3.تمثّل الأُسرة الاشتراكية، أُسراً جماعية لا تتميّز بعنصر الخصوصية رغم التخالف الجنسي، فالمجموعة كلّها تعتبر أُسرة واحدة. ولذلك، فإنّ جميع النساء يعتبرن زوجات جميع الرجال، وجميع الرجال أزواج كلّ النساء، كما أنّ الأولاد هم أولاد المجموعة، وتقع مسؤولية العناية بهم على عاتق الجميع. وقد ظهرت هذه الأُسر الاشتراكية (Commnntites) تدريجياً منذ أواسط القرن التاسع عشر الميلادي فصاعداً، ومن الستّينات من القرن العشرين مؤخّراً، تحت تأثير بعض الآراء المتطرّفة، كبديل عن الأُسرة، واجتذبت بعض المؤيّدين من بين الشباب الغربيّين. وقد كانت هذه التجمّعات الاشتراكية تشتمل على عدد من الرجال والنساء الذين تربطهم العلاقات الجنسية مع بعضهم البعض، ويعدّ نمط حياتهم، من وجهة نظر المنظّرين لهم، نوعاً من العودة إلى الطبيعة وإحياء المجتمعات الاشتراكية البدائية في عصر ما قبل التاريخ. وقد كان رفض أيّ نوع من التسلّط والهيمنة في العلاقات بين المرأة والرجل وإلغاء الشعور بالملكية والتنافس، من الدوافع الرئيسة لمعارضة هذه المجموعات لتنظيم الأُسرة وميلهم إلى هذا النمط الجديد. كما ظهرت مثل هذه المجاميع في فلسطين المحتلّة بدوافع مشابهة، وكبديل عن نموذج الأُسرة الخاصّة والقائمة على الأُمومة، والّتي كانت شائعة في المجتمع اليهودي التقليدي. إلّا أنّ أهمّية هذه المجاميع وقيمتها ما لبثتا أن زالتا؛ ذلك لأنّ هذا النموذج لم يحقّق نجاحاً كبيراً في بلوغ الأهداف المرجوّة. ونحن نلاحظ في العقدين الأخيرين حركة تدريجية باتّجاه قبول النظم والخصائص البنيوية للأُسرة التقليدية في هذه التجمّعات الاشتراكية والإباحية .

الصفحه من 255