الأرض (تفصیلی) - الصفحه 16

ثارَ مِنَ الماءِ دُخانٌ عَلى قَدرِ ما شاءَ اللّهُ أن يَثورَ ، فَخَلَقَ مِن ذلِكَ الدُّخانِ سَماءً صافِيَةً نَقِيَّةً لَيسَ فيها صَدعٌ ولا ثَقبٌ ، وذلِكَ قَولُهُ : «أَمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا * رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا * وَ أَغْطَشَ لَيْلَهَا وَ أَخْرَجَ ضُحَاهَا »۱
قالَ : ولا شَمسٌ ولا قَمَرٌ ولا نُجومٌ ولا سَحابٌ ، ثُمَّ طَواها فَوَضَعَها فَوقَ الأرضِ . ثُمَّ نَسَبَ الخَليقَتَينِ فَرَفَعَ السَّماءَ قَبلَ الأَرضِ ، فَذلِكَ قَولُهُ عَزَّ ذِكرُهُ : «وَ الْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا »۲ يَقولُ : بَسَطَها .
فَقالَ لَهُ الشّامِيُّ : يا أبا جَعفَرٍ ! قَولُ اللّهِ تَعالى : «أَوَ لَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُواْ أَنَّ السَّمَـوَاتِ وَ الْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا » ؟
فَقالَ لَهُ أبو جَعفَرٍ عليه السلام : فَلَعَلَّكَ تَزعُمُ أنَّهُما كانَتا رَتقاً مُلتَزِقَتَينِ مُلتَصِقَتَينِ ، فَفُتِقَت إحداهُما مِنَ الاُخرى؟ فَقالَ : نَعَم .
فَقالَ أبو جَعفَرٍ عليه السلام : اِستَغفِر رَبَّكَ! فَإِنَّ قَولَ اللّهِ جَلَّ وعَزَّ : « كَانَتَا رَتْقًا » يَقولُ : كانَتِ السَّماءُ رَتقاً لا تُنزِلُ المَطَرَ ، وكانَتِ الأَرضُ رَتقاً لا تُنبِتُ الحَبَّ ، فَلَمّا خَلَقَ اللّهُ تَبارَكَ وتَعالَى الخَلقَ وبَثَّ فيها مِن كُلِّ دابَّةٍ فَفَتَقَ السَّماءَ بِالمَطَرِ وَالأَرضَ بِنَباتِ الحَبِّ .
فَقالَ الشّامِيُّ : أشهَدُ أنَّكَ مِن وُلدِ الأَنبِياءِ ، وأنَّ عِلمَكَ عِلمُهُم . ۳

۱۵۴۴.تفسير القمّي عن أبي بكر الحَضرميّ:خَرَجَ هِشامُ بنُ عَبدِ المَلِكِ حاجّاً ومَعَهُ الأَبرَشُ الكَلبِيُّ ، فَلَقِيا أبا عَبدِ اللّهِ عليه السلام فِي المَسجِدِ الحَرامِ ، فَقالَ هِشامٌ لِلأَبرَشِ : تَعرِفُ هذا؟ قالَ : لا ، قالَ : هذَا الَّذي تَزعَمُ الشّيعَةُ أنَّهُ نَبِيٌّ مِن كَثرَةِ عِلمِهِ ! فَقالَ الأَبرَشُ : لَأَسأَلَنَّهُ عَن مَسائِلَ لا يُجيبُني فيها إلّا نَبِيٌّ أو وَصِيُّ نَبِيٍّ ! فَقالَ هِشامُ : وَدَدتُ أنَّكَ فَعَلتَ ذلِكَ .

1.النازعات: ۲۷ ـ ۲۹.

2.النازعات: ۳۰.

3.الكافي: ج ۸ ص ۹۴ ح ۶۷ ، التوحيد: ص ۶۷ ح ۲۰ عن جابر الجعفي نحوه وفيه صدره إلى «جميع الأشياء منه وهو الماء» ، بحار الأنوار: ج ۵۷ ص ۹۶ ح ۸۱.

الصفحه من 66