الأرض (تفصیلی) - الصفحه 17

فَلَقِيَ الأَبرَشُ أبا عَبدِ اللّهِ عليه السلام فَقالَ : يا أبا عَبدِ اللّهِ ، أخبِرني عَن قَولِ اللّهِ : «أَوَ لَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُواْ أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا » فَبِما كانَ رَتقُهُما ، وبِما كانَ فَتقُهُما؟
فَقالَ أبو عَبدِ اللّهِ عليه السلام : يا أبرَشُ ، هُوَ كَما وَصَفَ نَفسَهُ : «وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ » والماءُ عَلَى الهَواءِ ، وَالهَواءُ لا يُحَدُّ ، ولَم يَكُن يَومَئِذٍ خَلقٌ غَيرُهُما ، وَالماءُ يَومَئِذٍ عَذبٌ فُراتٌ ، فَلَمّا أرادَ أن يَخلُقَ الأَرضَ أمَرَ الرِّياحَ فَضَرَبَتِ الماءَ حَتّى صارَ مَوجاً ، ثُمَّ أزبَدَ فَصارَ زَبَداً واحِداً ، فَجَمَعَهُ في مَوضِعِ البَيتِ ثُمَّ جَعَلَهُ جَبَلاً مِن زَبَدٍ ، ثُمَّ دَحَا الأَرضَ مِن تَحتِهِ ، فَقالَ اللّهُ تَبارَكَ وتَعالى : «إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِى بِبَكَّةَ مُبَارَكًا » . ۱
ثُمَّ مَكَثَ الرَّبُّ تَبارَكَ وتَعالى ما شاءَ ، فَلَمّا أرادَ أن يَخلُقَ السَّماءَ أمَرَ الرِّياحَ فَضَرَبَتِ البُحورَ حَتّى أزبَدَت بِها ، فَخَرجَ مِن ذلِكَ المَوجُ وَالزَّبَدُ مِن وَسَطِهِ دُخانٌ ساطِعٌ مِن غَيرِ نارٍ ، فَخَلَقَ مِنهُ السَّماءَ ، وَجَعلَ فيهَا البُروجَ وَالنُّجومَ ومَنازِلَ الشَّمسِ وَالقَمَرِ ، وأجراها فِي الفَلَكِ ، وكانَتِ السَّماءُ خَضراءَ عَلى لَونِ الماءِ الأَخضَرِ ، وكانَتِ الأَرضُ غَبراءَ عَلى لَونِ الماءِ العَذبِ ، وكانَتا مَرتوقَتَينِ لَيسَ لَهُما أبوابٌ ، ولَم يَكُن لِلأَرضِ أبوابٌ ؛ وهِيَ النَّبتُ ، ولَم تُمطِرِ السَّماءُ عَلَيها فَتُنبِتَ ، فَفَتَقَ السَّماءَ بِالمَطَرِ ، وفَتَقَ الأَرضَ بِالنَّباتِ ، وذلِكَ قَولُهُ : «أَوَ لَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُواْ أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا » .
فَقالَ الأَبرَشُ : وَاللّهِ ما حَدَّثَني بِمِثلِ هذَا الحَديثِ أحَدٌ قَطُّ! أعِد عَلَيَّ . فَأَعادَ عَلَيهِ . وكانَ الأَبرَشُ مُلحِداً ، فَقالَ : أنا أشهَدُ أنَّكَ ابنُ نَبِيٍّ ـ ثَلاثَ مَرّاتٍ ـ . ۲

1.آل عمران: ۹۶.

2.تفسير القمّي: ج ۲ ص ۶۹ ، بحار الأنوار: ج ۵۷ ص ۷۲ ح ۴۷.

الصفحه من 66