الأکل (تفصیلی) - الصفحه 105

جلوس المتمكّن المتربّع ونحوه من الهيئات المستدعية لكثرة الأكل ، بل كان جلوسه للأكل مستوفزا مُقعِيا غير متربّع ، وليس المراد الميل على شقّ كما يظنّه عوامّ الطلبة» .
وقال في المصباح :
« اتّكأ : جلس متمكّنا ، وفي التنزيل : «وَ سُرُرًا عَلَيْهَا يَتَّكِئونَ» ؛ أي يجلسون ، وقال : «وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَئا»؛ أي مجلسا يجلسن عليه . قال ابن الأثير : والعامّة لا تعرف الاتّكاء إلّا الميل في القعود معتمدا على أحد الشقّين ، وهو يستعمل في المعنيين جميعا ، يقال : اتّكأ ؛ إذا أسند ظهره أو جنبه إلى شيء معتمدا عليه ، وكلُّ من اعتمد على شيء فقد اتّكأ عليه . وقال السَّرَقُسطي : أتكَأْته : أعطيته ما يتّكئ عليه ؛ أي يجلس عليه ، وضربته حتّى أَتكأته : أي سقط على جانبه» .
وقال البيضاوي في قوله تعالى : «وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَئا» :
«ما يتّكئن عليه من الوسائد ، وقيل : طعاما أو مجلس طعام ، فإنّهم كانوا يتّكئون للطعام والشراب تترّفا ، ولذلك نهى عنه» .
وقال ابن حجر :
«اختُلف في صفة الاتّكاء ، فقيل : أن يتمكّن في الجلوس للأكل على أيّ صفة كان ، وقيل : أن يميل على أحد شقّيه ، وقيل : أن يعتمد على يده اليسرى من الأرض . قال الخطّابي : تحسب العامّة أنّ المتّكئ هو الآكل على أحد شقّيه ، وليس كذلك ، بل هو المعتمد على الوطاء الّذي تحته . قال : ومعنى قوله عليه السلام : إنِّي لا آكُلُ مُتَّكِئا ؛ إنّي لا أقعد متّكئا على الوطاءِ عند الأكل فعل من يستكثر من الطعام ، فإنّي لاآكل إلّا البُلغة من الزاد ، فلذلك أقعد مستوفزا . وفي حديث أنس أنّه صلى الله عليه و آله أَكَلَ تَمرا وهو مُقعٍ . وفي رواية : وهو مستوفز ، والمراد الجلوس على وركه غير متمكّن . وأخرج ابن عديّ بسند ضعيف زجر النبيِّ صلى الله عليه و آله أن يعتمد الرجل على يده اليسرى عند الأكل . قال مالك : هو نوع من الاتّكاء . قلت : أشار مالك إلى كراهة كلّ ما يعدّ الأكل فيه متّكئا ، ولا يختصُّ بصفة بعينها . وجزم ابن الجوزي في تفسير الاتّكاء بأنّه المَيل إلى أحد الشقّين ولم يلتفت لإنكار الخطّابيّ ذلك . واختلف السلف في حكم الأكل متّكئا ؛

الصفحه من 156